سم وترياق
سم وترياق
الإنسان حصيلة مجموعة من المركبات الكيميائية والتفاعلات الحيوية، يعيش في عالم مُتقلب خاضع للضغوط، لذلك يلجأ للمخدرات كشكل من أشكال محاولة تكيفه معها، وهروبه من خلالها للبحث عن عالم أكثر رفاهية ينسجه في خياله. يصف “مُونِيك بِيلِيتِيه | Monique Pelletier” المخدرات بأنها ظاهرة دائمة يجب التعايش معها بأقل خسائر صحية ومجتمعية، ومن هذا المنطلق يجب ترك الازدراء والانتقاد الذي لا يمس جذور الكارثة ومحاولة فهمها وحلّها.
حتى بداية القرن العشرين كانت المخدرات في فرنسا تستخدم لأغراض علاجية كالمورفين لتسكين الألم، والقِنَّب لعلاج الربو والصرع، فكانت كل مادة صيدلانية تعد مخدرة دون تفرقة بين تأثيرها، أما الآن فتُعَرِّفها القواميس الفرنسية الحديثة على أنها كل مادة تؤثر في العقل بالسلب، ولم تتوقف فقط على المخدرات الشعبية كالكحول والتبغ، بل امتدت لتشمل العقاقير المنومة ومزيلات القلق ومضادات الاكتئاب وحتى المواد المستعملة في غير حاجتها كالصمغ.
تطور الأمر في ما بعد إلى خلط مواد ذات فاعلية علاجية عالية للوصول إلى تركيب مخدر صناعي ذي تأثير أقوى ومفعول ممتد. ومن هنا أصبح الأمر أكثر تعقيدًا في التمييز بين المشروع والمحظور، حتى جاء مجموعة من المختصين بقيادة الأستاذ “باركيه | Parquet” وقاموا بالتمييز بين “الاستهلاك المحدد للمخدرات” و”الإفراط” و”الإدمان”، فعُرِّف الأول على أنه تعاطي المخدر لأسباب قد تكون علاجية بشكل غير مؤذٍ، مع مراعاة الحالات التي تستوجب انتباهًا مثل قيادة السيارة، أو الطبائع الفسيولوجية للأفراد الحساسين أو من يعانون اضطرابات سلوكية، ثم انتقل إلى الإفراط قائلًا إنه استهلاك زائد ومتكرر تنتج عنه أضرار صحية ومجتمعية، وانتهى معرفًا الإدمان بأنه تغير ردود الفعل الجسدية بسبب المداومة على مادة معينة ويؤدي انسحابها إلى اختلال التوازن.
الفكرة من كتاب المخدرات
المُخدرات، الأمل الواهم، السعادة المزيفة، الراحة المُقلقة، الداء والدواء، التيار الجارف!
طالما أنك حيٌّ تُرزق فلا بد أنك سمعت يومًا عن مُدمن، ربما كان دورًا في تلفاز، أو شخصًا في رواية، أو جارًا أو قريبًا! ولعلك تساءلت حينها لماذا؟ أو كيف؟ أو إلى متى؟
في كتابنا نجيب عن سؤال “لماذا؟” ونعرض من بعده سؤال “كيف؟”، ونقدم جهودًا وحلولًا تستطيع من خلالها تحديد “إلى متى” ستظل دائرة المخدرات قطارًا يدهس المجتمعات بلا رأفة؟
مؤلف كتاب المخدرات
نيكول مايستراشي : قاضية، قادت اللجنة البيوزارية لمكافحة الإدمان من 1998م إلى 2002م.
معلومات عن المترجمة:
زينا مغربل: حاصلة على بكالوريوس في إدارة أنظمة المعلومات من جامعة مريلاند الأمريكية، عملت على ترجمة العديد من المؤلفات لكلا اللغتين الإنجليزية والفرنسية، خاصة في مجالات العلوم والتقنية.