سمت الرجولة
سمت الرجولة
إن سمت الرجولة لا يكون مرحلة من مراحل الإنسان ثم ينفصل عنها، بل إنها حالة ملازمة له في كل حاله، نراها حين آثر المُسلم في المدينة نفسه وماله وأهله على أخيه من مكَّة، ولو تأمَّلت ما الذي يجعل الإنسان يختار الذل والتضحية وقد كان يعيش حياة هادئة؟
ففي بيعة العقبة رغم صعوبة الظروف، تحدَّى هؤلاء الرجال كل قوى الشرك، وبايعوا رسول الله (صلى الله عليه وسلَّم) على السمع والطاعة، وأن ينصروه حين يقدم إلى المدينة، وقد سمعنا وشاهدنا كيف وفَّى هؤلاء الرجال ما قد بايعوا عليه رسول الله!
حتى حين علت كلمة الإسلام، ترى النماذج الإسلامية مختلفة تمامًا عن أي نموذج آخر، فقد كان رسولُ (الله صلَّى اللهُ عليه وسلم) إذا بعَث سَريَّةً قال: “اغزُوا بِسمِ اللهِ وفي سبيلِ اللهِ، فقاتِلوا مَن كفَر باللهِ، لا تغُلُّوا، ولا تغدِروا، ولا تُمثِّلوا، ولا تقتُلوا وليدًا ولا امرأةً، ولا كبيرًا فانيًا، ولا منعزلًا بصومعة، ولا تقطعوا نخلًا ولا شجرة، ولا تهدموا بناء” نعم هذه أخلاقيات الحرب، هذا تعامل المُسلم الحق مع الغادرين في ساحة الحرب.
أما في ساحات المعارك فهناك مواقف لا تُحصى، فهذا جعفر الطيَّار، جعفر ذو الجناحين (رضي الله عنه)، لُقِّب بذلك لأنه احتضن الراية بعضديه حتى قُتِل، وهذا خالد بن الوليد (رضي الله عنه) نجح في الصمود أمام جيوش الرومان، وهذا عمرو بن العاص على أبواب مصر فيؤمِّن أهلها ويستلم مفاتيحها، وهذا أسامة بن زيد (رضي الله عنه) أمَّره رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على جيش وهو ابن ثماني عشرة عامًا، وغيرهم (رضي الله عنهم) فهؤلاء اشترى الله منهم أموالهم وأنفسهم بأن لهم الجنَّة، وقد ربحوا!
الفكرة من كتاب صناعة الرجولة في مدرسة محمد (صلى الله عليه وسلم)
كان من مكائد اليهود في العهد النبوي وجهلهم يقولون: “مُحمَّد خلَّف بناتٍ” محاولين إحباط مصانع الرجولة الإسلامية، إلا أن محاولتهم محاولة بائسة، وذلك لأن النبي (صلى الله عليه وسلَّم) خلف من بعده رجالًا لا يخشون الموت، رجالًا أمامهم إحدى الحُسنيين، رجال يقولون بأعلى أصواتهم: “قوموا، فموتوا على ما مات عليه نبيُّكم” وهم في أشد أزماتهم.
وفي كتابنا يعرض الكاتب نماذج عديدة من السيرة النبوية ومن القرآن الكريم في محاولة لتكوين كيف تكون صناعة الرجولة، وما مفهوم الرجولة في الإسلام؟ وهل يقتصر على الذكور وحدهم دون النساء؟ كل تلك الأسئلة نجد إجاباتها في رحلتنا مع هذا الكتاب.
مؤلف كتاب صناعة الرجولة في مدرسة محمد (صلى الله عليه وسلم)
محمد عبد المعطي محمد: طبيب استشاري، وباحث شرعي، له اهتمام كبير بمجال التربية، وله عدد من المؤلفات، منها:
“بالحب نُربي أبناءنا”.
“علِّم ابنك كيف يسأل ربه وكيف يشكو حزنه إلى الله”.