سلطة تامة.. مستقبل غير محدد
سلطة تامة.. مستقبل غير محدد
يمكننا إلقاء نظرة على العالم الذي ترنو إليه جوجل وقادتها، وعلى هذا الزهد الذي يدعيه هؤلاء القادة عبر سؤال: إلى من تعود ملكية هذه الشركة بالفعل؟ يُفترض أن يكون الجواب بسيطًا، لملاك الأسهم بالطبع، لكن ثمة خدعة بسيطة في هذا الجواب، فملكية الأسهم في جوجل لا تعكس أية قدرة على المساهمة في اتخاذ القرار، الديمقراطية غير موجودة في أذهان المؤسسين إذ حرصوا على أن يكون مستقبل الشركة ومسارها وفق تصوراتهم الخاصة، وعبر طرح مجموعة من الأسهم تضمن المشاركة في التصويت، طرحت الشركة مجموعة أخرى تعطي لأصحابها قدرًا أكبر من الهيمنة على الوضع،
وبالطبع ليس الجميع قادرًا على حيازة هذه الأسهم، بل حاز المؤسسان معظمها ليضمنا الأغلبية في جميع الأحوال، وإذا تساءلنا عن مصدر الثروة الهائلة للثنائي سيرجي وبيج، فحسب التقرير السنوي يتقاضى كل منهما دولارًا واحدًا في السنة لقاء جهودهما، هذه الأسهم هي الجواب، لقد مثلت هذه الشركة نهر الذهب على هيئة الأسهم التي باعها المؤسسان وقت الحاجة.
غير أن المستقبل لا يرسم واقعًا ورديًّا يسوده الاحتكار والريادة بالنسبة إلى جوجل وشركائها، فبالرغم من تسلل الشركة إلى سوق الهواتف المحمولة عبر نظام “أندرويد”، وحيازتها نسبة عظمى من هذه السوق، فإن نمو هذه السوق والاعتماد المتزايد على الأجهزة المحمولة لا يُبشر بأي خير، فقد ظلت إعلانات الويب منذ التأسيس وحتى الوقت الحاضر هي مصدر الربحية الأول، لكن عندما يفر المستخدمون إلى التطبيقات ويهجرون محركات البحث، ستكون هذه هي قاصمة الظهر لشركة الويب،
ولن تغض الحكومات الطرف طويلًا عن الممارسات الاحتكارية للشركة، فستتعالى المطالبات بقيود أكثر على أنشطتها، لكن السيناريو الأسوأ الذي يخشونه جميعًا، هو نهاية حالة الوئام بين القادة الثلاثة، حتى يمكننا ترجمة هذا السؤال إلى: إلى متى ستظل جوجل تعتلي القائمة؟
الفكرة من كتاب ملف غوغل
عند الحديث عن الشركات الأمريكية العملاقة، فلا داعي لذكر هيمنتها على القطاعات التي تعمل بها، لكن تأتي جوجل في مقدمة هذه الشركات بهيمنة مطلقة على بترول العصر الحديث، فلم يتوقف الأمر عند جمع البيانات وتصنيفها فقط، لكن قدرة جوجل على إزاحة منافسيها والإفلات من الرقابة والمحاسبة أصبحت واضحة، لقد أصبح محرك البحث إمبراطورية لا يغيب عنها شيء.
تلك الرومانسية التي رافقت جوجل في البدايات رضخت لقوانين السوق في النهاية، لكن المؤسسين لم يخفوا عنا أية نيات، لقد قالوا إن بغيتهم تغيير العالم، ولم نهتم بالسؤال كيف سيغيرونه، يوضح الكتاب إلى أي مدًى أصبحت جوجل نافذة ومطلعة على حياتنا اليومية، وتأثيرها في السياسة الأمريكية العالمية، إن جميع إنجازات ومنتجات العصر الرقمي تضعنا أمام خيار الرفاهة وتلبية الاحتياجات، مقابل تحويلنا إلى بشر زجاجيين لا يسترهم شيء.
مؤلف كتاب ملف غوغل
تورستن فريكه: وُلد عام 1963م، وتخرج في قسم الصحافة بجامعة ميونخ في ألمانيا، عمل نائبًا لرئيس تحرير صحيفة “Die Abendzeitung”، وكان الناطق الرسمي لشبكة Premiere ثم لشبكة Sky.
أولريش نوفاك: وُلد عام 1961م، درس الأدب الألماني وعمل محررًا وخبير تسويق لعديد من وسائل الإعلام، كما عمل استشاريًّا للعلاقات العامة في عديد من الشركات.
معلومات عن المترجم:
عدنان عباس علي: باحث ومترجم، وُلد بالعراق عام 1942م، وحصل على الدكتوراه في العلوم الاقتصادية من جامعة فرانكفورت عام 1975م، عمل أستاذًا في عديد من الجامعات العربية، من مؤلفاته:
تاريخ الفكر الاقتصادي.
التحليل الاقتصادي بين الكنزيين والنقديين.
ومن ترجماته:
صندوق النقد الدولي: قوة عظمى في الساحة العالمية.
نهاية عصر العولمة.
الرخاء المفقر.