سلام ورحمة وبركة

ذِكرُ النبي -صلى الله عليه وسلم- في التشهد مقرون بتلك الثلاثية المتلازمة: السلام والرحمة والبركات، تلك الكلمات التي نقولها صباح مساء في الصلاة وفي التحية لكل عابر، ونوشك أن ننسى المعاني العظيمة التي تحملها، أول هذه المتلازمة هو السلام، تَعرِفُ العرب أن السلام هو الخلو من الآفات، سواء على المستوى الداخلي النفسي، أو على مستوى الجماعات والأفراد وعلاقاتهم ببعض، والأخير هو الأصعب وربما يتطلب صراعات وصدامات مع طبقات من المجتمع صاروا هم أنفسهم آفات يجب التخلص منها، كأنك تحرث أرضك توطئةً لزراعتها ويجب عليك أن تقتلع الآفات الضارة من جذورها كي لا تعوقَ نمو النباتات القادمة.

 الحل: 📚📚📚 مكتبة ضخمة جدا 

من الكتب المبسطة والمضغوطة على هاتفك مع تطبيق أخضر

تطبيق أخضر يوفر لك آلاف ملخصات الكتب العربية والعالمية بطريقة مقروءة ومسموعة في أكثر من ١٦ قسم في كافة مجالات الحياة 

حمله الآن 😎

جوجل بلاي -- أبل ستور

ورحمة الله، في هذا السياق، أبعد ما تكون عن العطف المجرد، إنما هي حاضنة واسعة تضم البشر جميعًا وتوفر لهم البيئة والمناخ اللازمين لنضوجهم، وهي موجودة رغم أنف من ينكرونها، أولئك الذين لم يستأصلوا من قلوبهم الآفات ويصلوا إلى مرحلة السلام التي هي ضرورية لاستشعار الرحمة والدخول فيها، فالرحمة تكون بمنزلة الرحم التي تحتضن البذرة.

الخطوة الثالثة والنتيجة الحتمية لمرحلتي التنقية والاحتضان هي خطوة النمو والازدهار، مرحلة البركات التي لا تشير إلا إلى الزيادة في الخير، البركات التي ألقيت على نبي الله نوح بعد تمام مشروعه الذي أنقذ البشرية من الغرق ﴿اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِّنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ﴾.

هذه الثلاثية التي نكررها صباح مساء تحثنا على الدخول في هذا التفاعل، تدعونا أن نتخلص أولًا بأول من آفاتنا وأن نستشعر تلك الرحمة، وأن نسير على طريق نهايته الحتمية الإثمار والبركة، ولنا في نبينا محمد خير قدوة ومثال، فقد جسد هذه المعاني أيما تجسيد.

ها قد وصلتَ إلى ختام الصلاة وجلستَ لتتلوَ التشهد الأخير، كم استغرق الأمر منك؟ خمس دقائق، عشر، عشرين؟ ليس بالوقت الكثير لكن أثره عظيم.

التأمل في الجمل المكونة للتحيات يفتح لنا آفاقًا واسعة، عن الحياة الطيبة والخير والبركة، عن النبي وآله، عن أنفسنا وكهوفها المظلمة التي نرجو إضاءتها، إنها المحطة الأخيرة قبل الانطلاق.

الدكتور أحمد خيري العمري، طبيب أسنان وكاتب عراقي مهتم بسؤال النهضة المعتمد على الجذور القرآنية، له عدة مؤلفات أهمها “البوصلة القرآنية”، “سيرة خليفة قادم” و”استرداد عمر من السيرة إلى المسيرة”، وغيرها.