سلامة القلب والطمأنينة
سلامة القلب والطمأنينة
إن سلامة القلب وطمأنينة النفس من كنوز الدنيا، ولا نجاة يوم القيامة إلا لمن أتى الله بقلب سليم، وهو القلب الخالي من الشرك والغل والحسد والشح والكبر، ومقياس سلامة القلب الرضا كما قال ابن القيم: “إن الرضا يفتح باب السلامة”، وتستحيل سلامة القلب مع السخط المورث لكل الآفات والمتاعب، ومن أسماء الله الحسنى التي إذا ما تأملها المرء وعمل بها فستثمر في قلبه سلامة وفي نفسه طمأنينة: العليم، الحكيم، الخبير، البر، القدوس، الوارث، الظاهر، الباطن، مالك الملك.
واسم الله (العليم) يعني الذي أحاط بالظواهر والبواطن بالعالم العلوي والسفلي وبكل زمان ومكان، فلا يخفى عليه شيء، عالم الغيب والشهادة المحيط بمكنونات القلوب وما تخفي الصدور، والإيمان بهذا الاسم يورث في القلب الخوف من الله ومراقبته في السر والعلن، والرضا عن الله وعن أقداره وشرعه، واليقين بعلم الله بعباده وما يقاسون من آلام مما يثمر في القلوب الرجاء والأنس بالله ويدفع عنهم اليأس والقنوط.
و(الحكيم) هو الذي أحسن خلق كل شيء، فلم يخلق شيئًا عبثًا ولم يشرِّع شيئًا سدى، فالحكمة هي وضع الأشياء في مواضعها وإنزالها منازلها، والإيمان بهذا الاسم يورث في القلب محبة الله وتعظيمه وتوقيره والخوف منه سبحانه والحياء منه والتأدب معه والتماس مرضاته وتجنب سخطه، فيعلم يقينًا أن ما أمر الله به وما نهى عنه هو الخير العظيم وبه صلاح دين المرء ونفسه وعقله وماله وعرضه، وبه سعادته واستقامة حاله في الدنيا والآخرة.
و(البَر) هو دائم الإحسان، وأي إحسان أعظم من أن يوفق الله عباده للهداية والثبات فاستحقوا بذلك رضوانه وجنته، و(القدوس) هو المنزَّه عن النقائص والمعايب، فهو سبحانه المتصف بصفات الكمال والجلال المنزَّه عن كل ما لا يليق به، والإيمان بهذا الاسم يملأ القلب تعظيمًا لله بما يرى من بديع صنعه وجمال خلقه ودقة صنعه فيما حوله من مخلوقاته، بل في الكون بأسره. ومن أسمائه سبحانه وتعالى (الباطن) هو المطلع على السرائر والخفايا وخبايا الضمير، فالسر عنده علانية والغيب عنده شهادة والإيمان بهذا الاسم يورث في القلب طهر السريرة وسلامة النفس.
الفكرة من كتاب ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها
العلم بأسماء الله وصفاته هو أجلُّ العلوم وأنفعها وأشرفها بما تورث في القلوب من محبة الله وخشيته وتعظيمه، ومن رحمة الله بعباده أن جعل توحيده ومعرفته أمرًا راسخًا في الفطرة والعقل إجمالًا إلا أن يطرأ عليهما ما يفسدهما من محدثات الأمور والنفوس، فلا سعادة للعباد ولا صلاح لهم إلا بمعرفة خالقهم، فهو سبحانه غاية مطالبهم وتعرفهم عليه قرة أعينهم كما قال الإمام ابن القيم، وبحسب معرفة العبد بربه يكون إيمانه، ولا تتحصَّل المعرفة إلا بتلاوة كتابه وتدبُّر أسمائه وصفاته.
مؤلف كتاب ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها
عبد العزيز ناصر الجليل: كاتب وطبيب صيدلي، حصل على بكالوريوس صيدلة وعلوم صيدلة من جامعة الرياض.
عمل مديرًا لدار طيبة للنشر والتوزيع مدة عشرين عامًا، ثم مشرفًا على المكتب العلمي في الدار.
ومن أشهر مؤلفاته: سلسلة وقفات تربوية ومنارات في الطريق، والميزان في الحكم على الأعيان.