سلامة الحواس من سلامة القلب
سلامة الحواس من سلامة القلب
للقلب طُرق وأبواب، وأهم هذه الأبواب هي الحواس التي تؤثر في كل ما يدخل إليه، فلو أردنا أن نصلح حال قلوبنا لا بدَّ لنا أن ننظر في صحة استخدام حواسنا، فنبدأ باللسان، لأنه أسهل الأبواب التي يتسلل منها الشيطان إلى المرء؛ ولأنه بوابة الدخول إلى القلب، وطهارة القلب تجعل اللسان طيِّبًا طاهرًا نقيًّا، ينطق بأعذب الجُمل والكلمات، ولهذا تجب حراسة اللسان من الزلات والأخطاء التي تؤدي إلى الهلاك، يقول تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾.. فاطهروا ألسنتكم وانطقوا بالخير!
ثم نأتي إلى حاسة السمع، وهي ثغر خطير على القلب بعد اللسان، فيجب أن نحرص على ألا يدخل إلى آذاننا إلا الكلام الطيب العفيف ونبتعد عن سماع كل ما هو محرم ومؤذٍ، فالكلام الذي نسمعه إمَّا أن يكون بذرة خير، وإمَّا أن يكون بذرة شر تُزرع بداخلنا، فكم من كلمة سمعها الإنسان وانتشلته من غفلته وأنقذته من زلته، فافتح سمعك لكل ما هو مفيد، وتتنقل بعد ذلك إلى القدمين، والقدم هي الحركة التي تقودك فإما إلى الخير وإما إلى الشر، فامشِ إلى الخير والصلاح وامضِ إلى مشاوير الصلة والبر، وأيضًا اليد هي من بوابات الدخول إلى القلب، وهي لا تقل أهمية عن القدم، فاحرص على أن تكون يداك الحرث الطيب! فاليد هي التي تعطف وتتصدق وتَرِق وترحم، ورقتها تسري للقلب.
ولا تنسَ -يا أخي- باب البصر، فإنه مدخل مهم للقلب فلا تطمعن ببصرك نحو متاع الدنيا وأصناف الأموال والفتن وانظر إلى من هو أقل منك ولا تتلصص على الناس، واحذر النظر المحرم لما يغويك ويفتنك، مثل نظر الرجل إلى المرأة الأجنبية عنه وكذلك نظر المرأة إلى الرجل الأجنبي عنها، فالنظرة قد تزرع في الفؤاد الهم والحزن، وإطلاق البصر يؤدي إلى المفسدة وأمراض القلوب، وأخيرًا الشم، وهو آخر باب ومدخل يوصل إلى القلب فحتى هذه الحاسة يجب أن نستخدمها في المفيد، ولا نشم إلا المستحب الذي يبهج النفس ويطيب الأعماق من غير أن يكون بطريقة محرمة.
الفكرة من كتاب بأي قلب نلقاه؟
يقول رسول الله (ﷺ): “أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ”..
هل تساءلنا يومًا متى كانت آخر مرة تفقدنا فيها قلوبنا؟ هل هي حية سليمة، أم قاسية ميتة؟ إن في تصوُّرنا المعتاد أن الموت هو موت الجسد ولم يخطر ببالنا قطُّ أن موت القلوب أشد وأشقى، فلا بدَّ لنا من إنقاذ قلوبنا التي تعبت من طرقات الأوهام والفتن؛ قلوبنا التي تغيرت مع الأيام وكلَّت ومرضتْ.. فما أصعب مرض القلوب لو تعلمون!
في هذا الكتاب يأخذنا الدكتور خالد أبو شادي في رحلة إلى القلب، لنتعرف معًا لماذا القلب تحديدًا؟ وما الآفات التي يتعرض لها وكيف ننجو بقلوبنا، فهيَّا بنا في رحلة تطهير للنفس والسفر بقلوبنا إلى الآخرة.
مؤلف كتاب بأي قلب نلقاه؟
د. خالد أبو شادي: كاتب مصري الجنسية، ولد في محافظة الغربية، ودرس في الكويت، وأكمل دراسته الجامعية في كلية الصيدلة بجامعة القاهرة، له كتب ومحاضرات توعوية، وهو داعية إسلامية يُركز في دعوته على صلاح القلب ووسائل الخروج به من الظلمات.
من أبرز مؤلفاته:
ونطق الحجاب.
الحرب على الكسل.
رحلة البحث عن اليقين.
من الطارق.. أنا رمضان.
أول مرة أصلي وكان للصلاة طعم آخر.