سقوط حكم الروم في الشرق
سقوط حكم الروم في الشرق
سار الفرس نحو مصر وحاصروا الإسكندرية سنة 617م، حتى دخلوها بخيانة طالب علم يُدعى “بطرس” وبعثوا مفاتيحها إلى كسرى سنة 618م، ولم يرحب القبط بالفرس كما أُشيع، بل كان أكثر القتل والتدمير فى القبط، لكن سياسة الفرس كانت تقوم على القتل والتنكيل فى وقت الحرب فقط، والعدل بعد أن يستقيم لهم الأمر، وقد بقوا سادة البلاد عشر سنوات أو اثنتى عشرة سنة.
لكن هرقل أعاد جمع جيوشه وهاجم الفرس وأخرجهم من مصر سنة 627م، أما كِسْرَى فقد عُذّب وقُتل وانتهت الحرب بصلح بين دولتي الفرس والروم، وقام هرقل بإرجاع الصليب المقدس إلى كنيسة القيامة سنة 629م، وبعد أن أعطى اليهود أمانًا نقضه لشدة فتكهم بالمسيحيين، وأجلاهم من بيت المقدس وأوقع فيهم مقتلة عظيمة حتى قُتل كل اليهود واختفوا من الشام ومصر وباقي أقطار دولة الروم سنة 630م.
عانت دولة الروم من الصراعات المستمرة بين مذهب القبط “المنوفيسية أو اليعاقبة” ومذهب الروم “الملكانية”، فأراد هرقل أن يوحد أمر الدولة على مذهب جديد ابتدعه وهو “المونوثيلية”، ويرى الكاتب أن ذلك كان السبب الأكبر فى سقوط الدولة الرومانية فى مصر والشام، لأن هرقل قرر أن يقنعهم بمذهبه عنوة، وكان الأمر أشد وطأة فى مصر حيث أرسل “المُقَوْقِس أو قِيرِس” الذى اضطهد القبط وضيق عليهم وقتل منهم خلقًا كثيرًا، فاضطر بعضهم لتغيير دينه ظاهريًّا بما يسمى “التقية” وهرب منهم من استطاع، وكان ممن هرب البطريرك بنيامين عظيم الشأن عند القبط، وهكذا عصفت الرياح بدولة الروم من الداخل وأفسحت الطريق لسلطان الإسلام، الذي قرر استكمال فتوحاته خارج أرض العرب الإسلامية!
وبدأت المعارك وكان الانهزام الأكبر للروم فى معركة اليرموك سنة 634م، فحاصروا دمشق حتى سلمها لهم حاكمها بعدما أعطوا الأمان لأهلها، وحاصروا بيت المقدس وأطالوا الحصار حتى سلمت المدينة بشرط أن يأتي الخليفة عمر بن الخطاب يكتب عهدها، ومع الوقت تدهورت أحوال هرقل وحكمه فى الشام ورحل عنها إلى القسطنطينية سنة 636م، وقال مقولته الشهيرة: “وداعًا يا بلاد الشام، وداعًا ما أطول أمده”.
الفكرة من كتاب فتح العرب لمصر
كثيرًا ما تتضارب الأقوال عندما يتعلق الأمر بفتح بمصر، فالبعض يذكر أنها اغتصبت قهرًا من المسيحيين، والبعض يذكر أنها خُلّصت من بطش الروم، والبعض يلمِّح إلى اتفاقيات تمت سرًّا للإيقاع بمصر فى يد عدوها، سواء كان العدو من العرب أم الفرس أم من الروم أنفسهم.
يحاول ألفريد بتلر فى هذا الكتاب أن يجمع كل دليل يحصل عليه من كتابات القبط القدماء أو العرب أو ممن عاشوا فى تلك الحقبة الهامة، منذ صعود هرقل إلى حكم الروم مرورًا بسيطرة الفرس على الشام ومصر بعد انقلاب موازين القوى، ثم استعادتهما من جانب الدولة الرومانية، حتى دخول العرب وحلقات الصراع الطويلة التى انتهت بإخضاع الإسكندرية سنة 654م.
محاولًا تفنيد القول المزعوم بأن القبط رحبوا بالعرب كمناقشة أولى فى كتابه، ويتطرق أيضًا إلى تبرئة العرب من اتهامات لحقت بهم مثل حرق مكتبة الإسكندرية، لكنه يرميهم باتهامات أُخرى.
مؤلف كتاب فتح العرب لمصر
ألفريد بتلر : مؤرخ بريطاني، درس بأكسفورد وحصل على زمالة كلية براسينوز عام 1877م والدكتوراه عام 1902م. اهتم بالتاريخ المصري وكتب فيه مؤلفات عدة، منها:
الكنائس القبطية القديمة في مصر.
الحياة الملكية في البلاط الملكي.
معلومات عن المترجم:
محمد فريد أبو حديد: كاتب مصري راحل، تخرج عام 1914م في مدرسة المعلمين العليا، وكان من مؤسسي مجلة الثقافة حتى أصبح رئيسًا لتحريرها، واشترك في إنشاء لجنة التأليف والترجمة والنشر عام 1914م، ثم في إنشاء الجمعية المصرية للدراسات الاجتماعية عام 1937م، وله مؤلفات عدة، منها:
صلاح الدين وعصره.
أمتنا العربية.
أبو الفوارس عنترة بن شداد.