سر اللهفة.. عندما يكون المجتمع ذكوريًّا
سر اللهفة.. عندما يكون المجتمع ذكوريًّا
ما زلنا نتعرف على المجتمع السعودي، وما زالت لدينا عوامل ثقافية أخرى تنتظر أن نستكشفها.. والعامل الذي نتناوله الآن الذكورة مقابل الأنوثة، فما المقصود بالذكورة والأنوثة هنا؟ تستخدم كلمة الذكورة في هذا العامل إشارةً إلى التوكيدية والشدة والصلابة، بينما تشير كلمة الأنوثة إلى الرعاية والرقة واللطف، ويقسم هذا العامل المجتمعات إلى نوعين مجتمع ذكوري وآخر أنثوي، فكيف يكون كل منها؟! في المجتمع الذكوري تكبر الفروق بين الذكور والإناث بينما لا توجد هذه الفروق في المجتمع الأنثوي، ولو نظرنا إلى أفراد المجتمع الذكوري -سواء كانوا ذكورًا أم إناثًا- سنجدهم يميلون إلى التنافس والقوة والمواجهة ويحرصون على إظهار ذلك، لأن التقدير يُوجه إلى الأقوياء والناجحين، ولا يعطون اهتمامًا كبيرًا للجوانب العاطفية، وأشهر الأمثلة على ذلك جملة: “لا تبكِ أنت رجل!”.
ومن غير أن نفكر كثيرًا سنهتدي إلى كون المجتمع السعودي ذكوريًّا وشأنه في هذا شأن غيره من المجتمعات العربية، ولذلك مظاهر عديدة نجدها في الفروق الكبيرة والمستمرة في الخصائص المتوقعة من الذكور والإناث، فالمتوقع من الرجل أن يتصف بالصرامة وتوكيد الذات وأن ينجح في التعليم والحصول على وظيفة، أما المرأة فالمتوقع منها هو الرعاية واللطف، ولا يوجد اهتمام كبير بتعلميها وعملها لأن مرجعها إلى بيت زوجها، وحتى مع عمل المرأة فما زال يُعتقد أنها لا تصلح للمراكز القيادية وأنها انفعالية وضعيفة! كما يُربى الذكر منذ نعومة أظفاره على أنه عنوان الأسرة، فيجب أن يشرّف أسرته ويتجنب أي خطأ، وعليه أن يكون مبادرًا وقياديًّا ويثبت نفسه في كل موقف، أما الأنثى فأهم ما يُطلب منها أن تحافظ على شرفها ولا تجلب العار لأسرتها.
وبالرغم من ميل المجتمع إلى الذكورة فإن درجة الذكورة بدأت بالانخفاض منذ عقدين أو ثلاثة، ولذا إذا نظرنا الآن إلى المجتمع السعودي نجد أن الفجوة تضيق بين الرجل والمرأة، والسبب في ذلك عوامل عدة مثل: التعليم والاتصال بالعالم الخارجي من خلال الإنترنت أو السفر، وهذا كله يُدخل على المجتمع قيمًا لم تكن موجودة من قبل، وتظهر انخفاضية الذكورة في مبادرة المرأة ومشاركتها الرجل سواء داخل الاسرة أو خارجها، وخروجها للعمل بدافع توكيد الذات وليس مجرد الحاجة المادية، كما تظهر أيضًا في اختفاء الحساسية الزائدة تجاه ملبس الرجل، فبإمكانه مثلًا أن يرتدي بنطالًا دون حرج، وقد كان ذلك غير مقبولًا من قبل.
الفكرة من كتاب في الشخصية السعودية: العوامل والمحددات ما بين الحنظل والشهد الجزء الأول
هل سبق ورأيت من يعشق الرياضيات ويتمنى أن يصير مهندسًا ولكن ينتهي به المطاف إلى كلية الطب حيث رغبة أسرته؟ وهل سبق وشكا لك زميل من مديره في العمل وكيف يعامله باستعلاء وتسلط؟ ولعلك سمعت أيضًا عن كثيرين آخرين غير راضين عن عملهم ولكنهم لا يتجرؤون على تركه خوفَ ألا يجدوا غيره، وأظن أنه لا تغيب عنك لهفة الأب على مولود ذكر يحمل اسمه ويمد في أثره.. هل تشعر أني أطرح عليك أمرًا من الشرق وآخر من الغرب؟ حسنًا، أمامك دقائق قليلة وستعرف خلال رحلتك في هذا الكتاب الرابط الذي يجمع هذه الأمور معًا وما دلالته في المجتمع السعودي!
مؤلف كتاب في الشخصية السعودية: العوامل والمحددات ما بين الحنظل والشهد الجزء الأول
د. عبد الله الرويتع: حاصل على بكالوريوس وماجستير في علم النفس من جامعة الملك سعود، كما حصل على درجة الدكتوراه في علم النفس من جامعة نوتنجهام ببريطانيا، عمل مختصًّا نفسيًّا في مستشفى الصحة النفسية بالرياض وشغل منصب أستاذ علم النفس في جامعة الملك سعود. من مؤلفاته:
علم النفس في حياتنا اليومية.
المفكر والمعايشة.