سجون الإنسان الأربعة
سجون الإنسان الأربعة
العلم يجيب كل يوم عن العديد من الأسئلة التي يطرحها الإنسان وتطرحها الطبيعة، لكن ما زال سؤال واحد مطروحًا في الأوساط الفكرية الغربية وليس له إجابة بعد، ألا وهو “ما الإنسان؟”، والحقيقة أن هذا التساؤل ليس تساؤلًا عبثيًّا أو مضيعة للوقت، وإنما تنبني عليه كل الجوانب الأخرى في حياة الإنسان، فكيف تتحدث عن خطة لتطوير التعليم والارتقاء بالإنسان الذي لا تدرك ماهيته! حاول الكاتب أن يجيب عن هذا التساؤل وبدأ ببيان الفرق بين الإنسان والبشر لفظيًّا لكي يستطيع الإنسان الذي نقصده أن يتحرَّر من سجونه المقيدة له، فلفظة البشر تطلق إذا ما كان المقصود هو الاشتراك في النوع البيولوجي التشريحي، وعليه وجدت علوم الطب والتشريح والباثولوجي، أما مفردة الإنسان فهي درجة أكثر رقيًّا وتعقيدًا، وبالتالي فإن لفظة “إنسان” لا يقصد بها ثمانية مليارات نسمة التي تشغل العالم، وإنما هو العدد الأقل من ذلك الذى يؤرقه معرفة كينونته وتفسير وجوده ويبحث في الفلسفة والدين والمعرفة، فسجون الإنسان في واقعنا الآن تسلبه مميزاته الثلاث؛ أنه (موجودٌ واعٍ، ومختار، ومبدع)؛ موجود أي له وجود يجعله قادرًا على التفكير والشعور والتمرد والعصيان، وصل إلى وعيه بنفسه، وهو مختارٌ يستطيع الاختيار بين الطاعة والانصياع أو العصيان لكل شيء، ومبدع لأنه منذ طفولته له قدرة إبداعية تجعله قادرًا على إبداع أصغر الأشياء وأدق التفاصيل، ثم كانت السجون الأربعة التي قيَّدت كل هذه الصفات، فالسجون الأربعة هي المذاهب الفلسفية التي أخفقت في فهم الإنسان فقرَّرت أن تعاقبه على فشلها بتقييده؛ والسجن الأول هو المذهب التاريخي الذي يقول إن الإنسان مجبور تاريخيًّا، والثاني هو المذهب السوسيولوجي، ويقول إن الإنسان هو نتيجة توجيه مجتمعه له فقط دون أية إرادة منه، والثالث هو المذهب البيولوجي الذي يرتقي بالإنسان عن جمود المذهب المادي لكنه يلغي عنه وعيه وشعوره وحريته لاعتقاده أن الإنسان برمته نتيجة عمليات فسيولوجية وسيكولوجية كيميائية بجسده، والرابع هو المذهب المادي الطبيعي الذي يجعل الإنسان جامدًا لا قدرة له شأنه شأن عناصر الطبيعة المختلفة.
الفكرة من كتاب الإنسان والإسلام
“الإنسان اليوم مجهولٌ أكثر من أي وقتٍ مضى”.
الإنسان في حاجة إلى أن يعرف نفسه ووجوده، في حاجة إلى أن يدرك موقعه في مجتمعه وفي الطبيعة، وأن يتأمَّل في الإسلام ويعلم قيمته الحقيقية ومسؤولياته التي اختصَّه الله بها.
الكتاب يتمثَّل في محاضرات تم تجميعها، ألقاها الكاتب على الطلبة الإيرانيين في مدينة آبادان عام 1968، ويوضح الكتاب بدايةً كيف كرَّم الله الإنسان ووضع له مكانة مميزة، ثم يتحدث عن المصادر الثقافية الخاصة بالمجتمعات الإسلامية وضرورة العودة إليها وجعلها نقطة بداية للتقدم، ثم يذكر السجون الفلسفية التي قيَّدت حرية الإنسان وجعلته عاجزًا، وأخيرًا يبرز قضية تضارب المفاهيم في وقتنا هذا وتحديد مفهوم التديُّن المناسب لهذا العصر.
مؤلف كتاب الإنسان والإسلام
الدكتور علي شريعتي: مفكر إيراني إسلامي شيعي، ويعد فيلسوف الثورة الإيرانية وملهمها، ولد قرب مدينة سبزوار في خراسان 1933، تخرج في كلية الآداب ليذهب في بعثة إلى فرنسا لدراسة علم الأديان وعلم الاجتماع وحصل على شهادتي الدكتوراه في تاريخ الإسلام وعلم الاجتماع، له العديد من المؤلفات الشهيرة مثل: “مسؤولية المثقف”، و”الإسلام ومدارس الغرب”، و”العودة إلى الذات”.