سجن انفرادي ومحاكمة هزلية
سجن انفرادي ومحاكمة هزلية
قرَّر مدير الأمن العام سجن طالب ووضعه في الزنزانة التي لم يخرج منها طوال عشرة أيام إلا للتحقيق اليومي عن حياته وأسرته وأفكاره ووجوده في فرنسا للدراسة، وقد استدعاه رئيس اللجنة التحقيقية عبد الرازق شريدة طالبًا منه التحدث إلى الطالبات اللاتي اعتُقِلن معه وأن يطلب منهن تناول الطعام والعدول عن الإضراب، كما أوضح له أنه وضعهن في غرفة مجاورة بدلًا من الزنزانة باعتبارهن بناته وللاطمئنان عليهن، وبالفعل تحدث طالب معهن وشكرهن على صمودهن ونجح في إقناعهن.
بعد شهر كامل من السجن الانفرادي تم اقتياد الدكتور طالب في سيارة مدنية إلى محكمة الثورة بالكرادة الشرقية، حيث وجد أهله وأصدقاءه متجمعين للاطمئنان عليه ومساندته، وعندما دخل المحكمة كان آخر من نودي عليه من المتهمين المعروضين، إذ فوجئ أن كل من قبله تم الحكم عليهم بالإعدام كمجموعة أشخاص متهمين بالشيوعية، وفتاة في المرحلة الثانوية متهمة بالتعرُّض لشخصية النائب صدام حسين أمام رفيقاتها، ليجيء دور طالب ويُنادى عليه أمام هيئة المحكمة.
بدأت المحكمة تنادي على الشهود وكان الشاهد الأول طالبًا أردنيًّا أدلى بشهادته بافتراء وكذب واضح ضد طالب، وعندما طلب رئيس المحكمة من الدكتور طالب الرد أخبره بأن له اعتراضين الأول أنه مسيحي، فلا يؤخذ بقسمه لأنه أقسم على القرآن وليس الإنجيل، والثاني أن هذا الطالب في الصف الرابع والمحاضرة ألقاها أمام طلاب الصف الثاني، فنهر رئيس المحكمة ذلك الطالب ثم غادر، ثم جيء بطالبين آخرين أدليا أيضًا بشهادة كاذبة ولم يكونا كذلك من طلاب الصف الثاني.
الفكرة من كتاب حكايتي مع صدام
مع صعود حزب البعث وتولي حكم العراق كانت السلطة الأمنية محكمة قبضتها على كل أمر في البلاد بتحكم مباشر من قِبَل نائب الرئيس آنذاك والحاكم الفعلي صدام حسين، وشملت هذه السيطرة الجامعات والمؤسسات الأكاديمية بالعراق، وبالطبع على رأسها جامعة بغداد وكلياتها وبالأخص كلية الاقتصاد والسياسة التي شهدت في عام 1976م حدث اعتقال الدكتور طالب البغدادي في أثناء إلقائه محاضرة لطلابه، ويصبح ذلك الحدث حديث المجتمع العراقي، في هذا الكتاب يحكي لنا الدكتور طالب تفاصيل حياته في هذه الفترة وما حدث له.
مؤلف كتاب حكايتي مع صدام
د. طالب البغدادي: أستاذ جامعي عراقي، حصل على الدكتوراه في العلوم الاقتصادية بجامعة بواتييه بفرنسا عام 1973م، وعمل أستاذًا جامعيًّا في جامعة بغداد عام 1974م وحتى اعتقاله ومنعه من العمل، ثم عمل أستاذًا جامعيًّا في جامعة الزيتونة في الأردن عام 1995م ورئيسًا لديوان رئاسة الجمهورية العراقية عام 2004م.