سبيل السعادة
سبيل السعادة
إذا كان لدينا رجلان، لماذا تتحقق السعادة لأحدهما دون الآخر رغم أن الأخير أوفر حظًّا من المال والدرجة العلمية؟! الإجابة هي أن الأول نمَّى في نفسه عادات الإيثار والعطاء، بينما الثاني آثر الأنانية والانكباب على ذاته، فالشخص المنطوي يتحاشى الاختلاط بالناس والتعرف عليهم بينما المنبسط يفعل ذلك، وقد يفكر المنطوي بصنع عمل طيب لكن المنبسط من يقدم عليه، والمنطوي يفزع من الخطأ والمنبسط يمارس الخطأ ويقاسيه حتى يتعلم منه، ومن ثم تتولد بداخله الثقة بالنفس، ولهذا كان كثيرًا ما ينصح الكاتب المرضى بأن الأفضل لهم ارتكاب سبعة أخطاء بدلًا من خطأ واحد! ويظن بعض الناس أن المنطوي أرهف إحساسًا وأكثر انتباهًا للمعاني الدقيقة من غيره، لكن أثبت علم النفس أن العكس هو الصحيح. فالحقيقة أن الانطواء والانبساط واقعان تحت سيطرة المرء، والوصول إلى شخصية منبسطة سويَّة يتأتَّى من تنمية مجموعة من العادات المتزنة منذ الطفولة، فإن الارتباك الذي يحصل لنا عند مقابلة أشخاص لأول مرة يُعد فائضًا من الطاقة لم يُستنفد، وكل إنسان عُرضة لهذه الانفعالات وهي ضرورية لمساعدته على اكتساب العادات الجديدة وتنمية مهاراته.
لكن حين يستسلم الإنسان للهزيمة بالتوقف عن إعادة المحاولة يعجز عن مجابهة المواقف الحياتية المتباينة، إذ إننا نولد أنانيين نميل نحو أنفسنا ولن نتخلَّص من هذا إلا ببعث جديد شاق للعادات والمهارات الجديدة، فبداخل كلٍّ منا مخزون من الطاقة غير المنظمة يمكن تحويلها إلى أعمال نافعة مثلما نُوجه طاقة الطفل الزائدة إلى تعلم الأشياء البديهية وإتقانها، والشخص الذي لا يفعل إلا ما يحلو له ولا يصنع غير ما تميل إليه نفسه عاجز عن اكتساب العادات، فإن كان المنبسط يقاسي في البداية فإن المنطوي هو من يعاني في النهاية.
ويوضح الكاتب أن المسيح (عليه السلام) كان مثالًا أعلى للحياة المنبسطة المليئة بالإيثار وحب الناس والخالية من الأنانية، وما كانت هذه الصفات إلا عن عقيدة أقوى من كل العقبات المادية والمعنوية التي اعترضته.
الفكرة من كتاب العودة إلى الإيمان
كان لتجارب هنري لنك في ميدان علم النفس أثر كبير في عودة الناس إلى حظيرة الإيمان، وكانت طقوس الدين وتعاليمه من الوسائل الناجعة والرئيسة في علاج مرضاه حتى مِن قبل أن يتحول عن الإلحاد إلى الإيمان مرة أخرى، وفي هذا الكتاب توضيح للأثر المادي للدين في الحياة وعلاقة الإيمان بتكوين الشخصية السوية والوصول إلى السعادة المنشودة.
مؤلف كتاب العودة إلى الإيمان
الدكتور هنري لنك (Henry C. Link): طبيب نفسي وأحد فرسان علم النفس التجريبي، وُلد عام ١٨٨٩، وحصل على الدكتوراه من جامعة بيل بأمريكا عام ١٩٢٦، وابتكر العديد من الاختبارات النفسية كالذكاء وبناء الشخصية، كما تولى إدارة مركز الخدمات النفسية لاختبارات استعداد الأشخاص، وتوفي عام ١٩٥٢.
ومن أهم مؤلفاته: “العودة إلى الإيمان”، و”كيف تنمي شخصيتك”.