سافِر مطمئنًّا
سافِر مطمئنًّا
ومنا من يغدو يطلب الرزق أو العلم أو يفرُّ من خطر أو ضرر ولكنه يقطع في ذلك أميالًا ويقطع مسافات يسافر من أرض إلى أرض حينًا من الدهر يطول أو يقصر، فعند من يستودع أهله وإلى من يكلهم وعلى من يستأمنهم وفي من يثق في كفاياتهم ومؤونتهم؟
وهنا يرشدنا الحبيب (صلى الله عليه وسلم) فيقول: “من أراد أن يسافر فليقل لمن تخلَّف: أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه”، وكان الصحابة كذلك فهذا عبدالله بن عمر كان يقول للرجل إذا أراد أن يسافر: ادنُ مني أودعك كما كان رسول الله يودِّعنا، فيقول: استودع الله دينك، وأماناتك، وخواتيم أعمالك”، نعم استودع الله أهلك ومالك ودينك، فالله خير ما تُستودع عنده الودائع، وهو سبحانه خير حافظًا وهو أرحم الراحمين، وهذه عقيدة يحمع المرء عليها قلبه وليست كلمات يردِّدها بلسانه وحسب.
إن السفر مشقَّة وهذا مُشاهد مجرب، وقد يتعرَّض المرء فيه للهلاك أو الفتنة أو تغلبه مشاعر الوجد والفقد فيحتاج أن يتزوَّد قبل سفره وأن يستعد له حسيًًّا ومعنويًًّا، وقد جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) يريد سفرًا فسأله أن يزوِّده، فقال له النبي: زوَّدك الله التقوى، فقال: زدني، قال: وغفر ذنبك، قال: زدني، قال: ويسر لك الخير حيث كنت.
ثم إذا حملتك الآلة أو الدابة فيشرع لك أيضًا ذكرًا حينها فتقول: “بسم الله، الحمد لله، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون”، وكان (صلى الله عليه وسلم) إذا استوى على بعيره خارجًا إلى سفر يقول بعد التكبير: اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى اللهم هوِّن علينا سفرنا هذا واطوِ عنا بعده اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وسوء المنقلب وكآبة المنظر في المال والأهل”، وإذا رجع من سفره زاد على هذا الدعاء بأن يقول: “آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون”.
انظر إلى تكرار التقوى في أدعية السفر وكأنها إشارة ضمنية إلى أنك ستعتريك ولا بد أمور تجهلها أو تخافها أو ستضطر إلى فعل أمور وتقبُّل أوضاع ربما تلبس عليك دينك أو تهز علاقتك بربك، فليكن خير زادك في سفرك التقوى، بل في سفر الحياة كلها، فنحن في هذه الدنيا غرباء زادنا التقوى ودليلنا الوحي وغايتنا ووجهتنا صحبة سيد ولد آدم (صلى الله عليه وسلم)، وشعارنا في سيرنا ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ﴾.
الفكرة من كتاب فن الذكر والدعاء عند خاتم الأنبياء
من رحمة الله بعباده أنه خلقهم وأوجدهم، وأنه حين أوجدهم هداهم لما أوجدهم وخلقهم له فوضح لهم وبيَّن، وذلك بأن أنزل كتبًا وأرسل رسلًا وفرض شرائع وأحكامًا ضابطة للوجود الإنساني، ثم اقتضت حكمته أن يختم هدايته بنبي الرحمة والهدى؛ النموذج الأكمل والأشرف والأطهر على وجه الأرض، حيث كان قرآنًا يمشي، علمه ربه وأدَّبه فأحسن تأديبه، واصطفاه وطهَّره وهيَّأه وهيَّأ له منذ أن كان في بطن أمه فارتضاه خاتمًا عربيًّا مشرِّفًا بكلام رب العزة، وجعل طاعته من طاعته ومحبته من محبته وكفايته على قدر اتباع سنة نبيه ومصطفاه، فأحواله وحياته وسيرته سراج يهتدي به الساري في سفر الحياة.
في هذا الكتاب لمحة يسيرة من جانب من جوانب سيرته العطرة، كيف كان حاله مع الذكر، ماذا كان يقول، متى، وكيف، يسوقها الكاتب بأسلوب يسير بسيط وبأمثلة متعددة.
مؤلف كتاب فن الذكر والدعاء عند خاتم الأنبياء
محمد الغزالي، سُمي الشيخ بهذا الاسم رغبة من والده في التيمُّن بالإمام الغزالي، ولقد عمل إمامًا وخطيبًا بعد تخرُّجه في مسجد العتبة الخضراء، ثم تدرَّج في الوظائف حتى صار مفتشًا في المساجد، ثم واعظًا في الأزهر ثم وكيلاً لقسم المساجد، ثم مديرًا للمساجد، ثم مديرًا للتدريب فمديرًا للدعوة والإرشاد.
زار الغزالي مرة ابن بازٍ لمناقشة بعض المسائل العلمية، فلما خرج سأله الصحفيون: “كيف رأيت ابن باز؟ قال: رأيت رجلاً يكلِّمني من الجنة!”.
من أبرز مؤلفاته:
في موكب الدعوة.
معركة المصحف.
فقه السيرة.