سؤال ماذا ننمي؟
سؤال ماذا ننمي؟
في المرحلة التي انتهت فيها مرحلة النمو العشوائي، حلت محلها مرحلة التنمية المخطط لها، وكان المخططون لها إما من أصحاب القيم الرأسمالية وإما الشيوعية. مع ذلك، فرغم اختلاف التوجهين، فقد أجمعوا على حتمية الصناعة بوصفها مفتاحًا أوحد للتنمية في العالم الثالث، وهكذا ارتبطت محاولات التنمية بمحاولات التصنيع.
في هذا الإطار، ظهرت آراء مختلفة عن الهدف من التصنيع، فآمن البعض بأن الهدف من التصنيع هو الاكتفاء الذاتي أو تقليل الواردات، وآمن آخرون بأن الهدف منه يجب أن يكون التصدير، وهناك من رأى بالاكتفاء بالصناعات التي تتمتع الدولة بميزة نسبية واضحة فيها، وهناك من رأى بأن التصنيع ممكن حتى في غياب هذه الميزة النسبية الواضحة كما ظهرت نقاشات أخرى مشابهة.
هنا ظهرت مشكلة أخرى هى استهداف التنمية المستوردة من الخارج وتغيير هوية الدول وبلبلة انتماءاتها، نتيجة للنقل العشوائي للتنمية من العالم الأول دون أهداف واضحة. على هذا الأساس استبدلت بنظرية النمو نظرية التنمية الجديدة التي تنادي بوضع التنمية في خدمة الناس بدلًا من تسخير الناس لخدمة التنمية. كذلك كان من مظاهر النضج في الفلسفة الجديدة الموقف المحايد من التقاليد والأعراف بدلًا من الموقف القديم الذي عاداها بشدة.
بهذا يمكننا الإجابة عن سؤال ماذا ننمي، بأنه لا يجب تنمية قطاع واحد أو خدمة واحدة، بل يجب تنمية القطاعات والخدمات كافة، وكذلك المشروعات التي تؤدي إلى إشباع الحاجات الأساسية،مع مراعاة أن ما يعتبر مطلبًا أساسيًّا في دولة ما قد يكون فرعيًّا في أخرى.
الفكرة من كتاب التنمية ..الأسئلة الكبرى
عبر السنين ظهرت كمية هائلة من الأدبيات التي سميت ب”علوم التنمية”، فمنها ما درس التنمية من جانبها الاقتصادي ومنها ما اهتم بالعوامل السياسية أو ركز على العناصر النفسية، ومنها ما حلل الجوانب الاجتماعية أو غيرها من الجوانب، لكن هذه الأدبيات جميعًا كتبها اختصاصيون ليقرأها اختصاصيون آخرون، فأصبحت قراءة هذه الكتب بمعادلاتها ورسومها البيانية والجداول والإحصائيات التي احتوتها شاقة الفهم على غير المتخصصين.
من هنا يأتي هذا الكتيب ليناقش التنمية بأسلوب بسيط يمكن للقارئ العادي أن يفهمه، فيقصد بالتنمية التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي نجحت بعض دول العالم دون البعض الآخر في الوصول إليها، فمحصلة الفارق بين حالة المواطن في الدول الصناعية وحالته في دول العالم الثالث هى التنمية. في هذا الإطار يجيب الكتاب عن هذه الأسئلة الأربعة الأساسية: لماذا، ولمن، وماذا، وكيف ننمي؟
مؤلف كتاب التنمية ..الأسئلة الكبرى
غازي عبد الرحمن القصيبي، من مواليد الإحساء بالمملكة العربية السعودية عام 1940م/1359هـ. درس الحقوق بجامعة القاهرة ثم التحق بالدراسات العليا في لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية متخصصًا في العلاقات الدولية. في ما بعد حصل على الدكتوراه من جامعة لندن كلية university college وكان موضوع رسالته عن اليمن.
على مدار حياته عمل مدرسًا مساعدًا ومستشارًا لبعض الجهات الحكومية، ثم تولى الكاتب مناصب إدارية متعددة كعميد لكلية التجارة بجامعة الملك سعود ورئيس لهيئة السكة الحديد قبل أن يصبح وزيرًا للصناعة والكهرباء، ومن ثم وزيرًا للصحة. تخللت مهامه الوزارية فترة من العمل سفيرًا للمملكة بالبحرين ثم في المملكة المتحدة قبل أن يعود إلى الوزارة مرة أخرى وزيرًا وزير للمياه والكهرباء ثم أخيرًا ك
وزيرًا للعمل.
توفي غازي القصيبي في عام 2010 تاركًا من خلفه إرثًا من مؤلفات الشعر والأدب، أشهرها رواية “شقة الحرية”، وكتاب “حياة في الإدارة” وكتاب “التنمية وجهًا لوجه”. أما عن الأعمال الشعرية فمنها قصيدة “رسالة المتنبي إلى سيف الدولة” و قصيدة “القلم تم بيعه وشراؤه”.