سؤال لمن ننمي؟
سؤال لمن ننمي؟
على الرغم من أن الإجابة عن هذا السؤال تبدو بديهية، فإنها لم تكن دائمًا كذلك، ففي البداية كان هناك إجماع عام على فلسفة النمو التي تتماشى مع النظرية الاقتصادية، فما على الدول إلا أن تضاعف مكاسبها وتقلل من خسائرها حتى يستفيد الجميع في نهاية المطاف.
على عكس المتوقع، كان واضحًا أن غالبية الشعوب لم تستفد من النمو الذي كان يتم لصالح فئة محظوظة صغيرة، حتى إن أحد الباحثين العرب تحدث عن الحكومات العربية التي لم تكن مهتمة بالتنمية بل بما أسماه “تحديث الفقر”، كما وجد آخرون أن ثلاثة عقود من التنمية أنتجت المزيد من عدم المساواة في دول العالم الثالث، بل إنها زادت أوضاع الفقراء سوءًا وبخاصة في البلاد الفقيرة ذات الأعداد الهائلة من السكان.
من هنا أتت نظرية التنمية بوصفها فلسفة جديدة ذات ثلاثة توجهات أساسية هى، أولًا: أن يكون إنتاج البضائع واستهلاكها محكومًا بمعيار الصالح العام، ويكون لمعيار عدالة التوزيع دوره بجانب معيار كفاءة الإنتاج. ثانيًا: وضع استراتيجية واضحة لمقاومة الفقر تتفرع منها سياسات محددة للقضاء على التفاوت البالغ بين الدخول ومستويات المعيشة، سواء بين الأفراد أو الجماعات أو المناطق. وأخيرًا، أن تتطور عملية صنع القرار السياسي بحيث تسمح بالمزيد من المشاركة الشعبية، وذلك لكي تعكس القرارات الاقتصادية حاجات مختلف القوى الاجتماعية وأولوياتها.
في هذا الإطار ينقل الكاتب عن الاقتصادي الباكستاني محبوب الحق من كتابه “ستارة الفقر”: “إن هذا الهجوم المباشر على الفقر الجماعي هو أساسًا قرار سياسي وليس تكنوقراطي. ما لم يتخذ هذا القرار على أعلى مستوى سياسي، وما لم تجند القوى السياسية كافة في الدولة لتنفيذه، فإن أى خطط توضع لن تعدو أن تكون تمارين نظرية”.
الفكرة من كتاب التنمية ..الأسئلة الكبرى
عبر السنين ظهرت كمية هائلة من الأدبيات التي سميت ب”علوم التنمية”، فمنها ما درس التنمية من جانبها الاقتصادي ومنها ما اهتم بالعوامل السياسية أو ركز على العناصر النفسية، ومنها ما حلل الجوانب الاجتماعية أو غيرها من الجوانب، لكن هذه الأدبيات جميعًا كتبها اختصاصيون ليقرأها اختصاصيون آخرون، فأصبحت قراءة هذه الكتب بمعادلاتها ورسومها البيانية والجداول والإحصائيات التي احتوتها شاقة الفهم على غير المتخصصين.
من هنا يأتي هذا الكتيب ليناقش التنمية بأسلوب بسيط يمكن للقارئ العادي أن يفهمه، فيقصد بالتنمية التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي نجحت بعض دول العالم دون البعض الآخر في الوصول إليها، فمحصلة الفارق بين حالة المواطن في الدول الصناعية وحالته في دول العالم الثالث هى التنمية. في هذا الإطار يجيب الكتاب عن هذه الأسئلة الأربعة الأساسية: لماذا، ولمن، وماذا، وكيف ننمي؟
مؤلف كتاب التنمية ..الأسئلة الكبرى
غازي عبد الرحمن القصيبي، من مواليد الإحساء بالمملكة العربية السعودية عام 1940م/1359هـ. درس الحقوق بجامعة القاهرة ثم التحق بالدراسات العليا في لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية متخصصًا في العلاقات الدولية. في ما بعد حصل على الدكتوراه من جامعة لندن كلية university college وكان موضوع رسالته عن اليمن.
على مدار حياته عمل مدرسًا مساعدًا ومستشارًا لبعض الجهات الحكومية، ثم تولى الكاتب مناصب إدارية متعددة كعميد لكلية التجارة بجامعة الملك سعود ورئيس لهيئة السكة الحديد قبل أن يصبح وزيرًا للصناعة والكهرباء، ومن ثم وزيرًا للصحة. تخللت مهامه الوزارية فترة من العمل سفيرًا للمملكة بالبحرين ثم في المملكة المتحدة قبل أن يعود إلى الوزارة مرة أخرى وزيرًا وزير للمياه والكهرباء ثم أخيرًا ك
وزيرًا للعمل.
توفي غازي القصيبي في عام 2010 تاركًا من خلفه إرثًا من مؤلفات الشعر والأدب، أشهرها رواية “شقة الحرية”، وكتاب “حياة في الإدارة” وكتاب “التنمية وجهًا لوجه”. أما عن الأعمال الشعرية فمنها قصيدة “رسالة المتنبي إلى سيف الدولة” و قصيدة “القلم تم بيعه وشراؤه”.