رمضان شهر الفُرص
رمضان شهر الفُرص
في الأيام القليلة التي تسبق دخول الشهر الكريم، وصولًا إلى الليلة الأولى منه، نتأهَّب للشهر، نترقَّبه، ننتظر الضيف الكريم الذي تتغيَّر به حياتنا وكل شيءٍ فيها، إذا ما أقبل انصرفت عنا الهموم والأحزان، وأقبلت معه الأفراح مُبشِّرة، يُقبِل علينا إقبال المسافر الذي عاد بعد غياب، فيفتح لنا بوابات الفرح، ويمدُّ لنا أياديه المليئة بالخير، ويُعطينا فرصة لا تُعوَّض قد حُرِم منها الكثيرون غيرنا، وأعطانا الله إياها برحمته.
الفرص هي مفاتيح الأمل لواقعٍ سعيد، ورمضان شهر الفُرص، ومساحة الاستغلال التي يمكننا أن نستثمر فيها هذه الفرص لنحصِّل التوفيق والسداد في زمان الخير والبركة، رمضان الشهر الذي قد تستحيل به حياة الإنسان إلى صفحة بيضاء خالية من الذنوب، قد امتلأت بالحسنات وبدأ الإنسان بها مرحلة جديدة سعيدة من حياته، يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): “مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ”، إذ إن الفرص في حياة الإنسان مهما طالت ليست بالكثيرة، بينما يأتي شهر رمضان إلينا وقد تجلَّت لنا الفرص في أيامه ولياليه في أبهى صورها وذلك في أيامٍ معدودات، ورغم هذا فقلَّ من يُدرك معنى الفرص في الشهر الكريم ويُحسن استغلالها واستثمارها، فيشمِّر لها ساعديه ويفرغ لها ما استطاع من وقته فيتلقَّفها على الوجه الذي يليق بها، فإن لم يفعل فإنما هي راحلة دون أن يلتفت الإنسان الحصيف إليها ويفوز بثمرتها.
إن الفرصة تأتي متدثِّرة بثوب العمل، وتشترط عليك الإخلاص لله (جلَّ في عُلاه)، فتغيب تلك المعاني عن البعض، ويتفطَّن لها البعض الآخر فيُدرك حقيقتها وتعبها والجزاء المترتِّب عليها، ومثال ذلك تحرِّي صلاة القيام مع الإمام وما يشترط من حضور الصلاة كاملة لتتحقَّق كامل الفرصة ويحصل تمام الأجر والثواب، يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ”.
الفكرة من كتاب رمضان يبني القيم
إن شهر رمضان الكريم يجب أن يرجع إلى أصله، ويتحوَّل من مناسبة دينية متأثرة بالعادات المجتمعية؛ إلى معسكر مكثَّف يبني فيه المسلم قيمه وحياته ويُصافح أُمنياته، ويستدرك فيها ما فاته، رمضان مدرسة تُربَّى فيها روح المسلم على القيم وتتخرَّج فيها أجيال راسخة قد تشكَّلت تصوُّراتها وتغيَّرت مفاهيمها وأفكارها، وأدركت الغاية من خلقها، أجيال قادرة على بناء مجتمع مسلم متزن وناجح ومبارك.
مؤلف كتاب رمضان يبني القيم
مشعل عبد العزيز الفلاحي: ماجستير شريعة وطالب في مرحلة الدكتوراه بجامعة مكة المكرمة المفتوحة، ويعمل مشرفًا تربويًّا، ومديرًا تنفيذيًّا لمشروع القيم النبوية بإدارة التربية والتعليم، وأمين جمعية البر الخيرية “بوادي” من سنة تأسيسها 1422هـ إلى تاريخه، وهو أيضًا عضو مجلس إدارة مكتب الدعوة وتوعية الجاليات بوادي حلي، ونائب رئيس جمعية تحفيظ القرآن الكريم بحلي.
من أهم أعماله: “مشروع العمر”، و”أفكار تصنع الحياة”، و”في ظلال السيرة النبوية”، و”رمضان يبني القيم”، و”صناعة التغيير الشخصي”، وغيرها.