رفض الاتجاه إلى الدين
رفض الاتجاه إلى الدين
لماذا لا يُعير المفكر الغربي في العصر الحديث الدين اهتمامه عمومًا كمُخلص من تنازع الأيديولوجيات؟ إن الروح الغربية الحديثة بدايةً من عصر النهضة والتقدم العلمي ترفض أن تعود إلى النموذج الديني واعتباره حلًّا لأن كابوس ألف سنة من الحكم الكاثوليكي يراودهم باستمرار، والقول الحق يوجد في علم الاجتماع التاريخي، وهو أن المجتمعات في حالة تقلُّب دائمًا إلى الضد، وحينما تصل إلى منتهى حالة ما أو إلى
الـExtremities، يصل المجتمع إلى أوج قوته ثم يبدأ في التراجع والانهيار وتطوُّر النقيض، لذلك بعد قمة حالة العداء بين الالهة والإنسان وحالة تأليه الإنسان وفردانيته على الأرض في مواجهة أعدائه في السماء كان منطقيًّا حينما يأتي المسيح لينقذ الإنسان ويحرِّره من القيود ومن بطش عنصرية الإسرائيليين ليقيم السلام والحب أن ينجذب إليه الناس هروبًا من القسوة التي ذاقوها في عصر الإمبراطورية قبله، لكن بمرور الوقت استطاع رجال الدين المسيحي تحوير الدين وتحويله إلى وسيلة للظلام لا النور فحلَّت الكنيسة محل الإمبراطورية وأصبحت السلطة الكنسية تتحكَّم في كل شيء؛ العلم والفن والثقافة بل في الحياة كلها، العلم هو الذي يوجد بالكتاب المقدس فقط مثل أن الأرض هي مركز الكون وأن الشمس هي التي تدور حولها، ولا تقف المشكلة عند هذا الحد لكن من يعترض وينادي بغير ذلك ويبيِّن الخطأ يتم اتهامه بالهرطقة ويُقتل والأمثلة كثيرة، وكذلك الآداب والفنون أصبحت مهمتها الوحيدة تجسيد الحالة الروحانية فقط المتمثِّلة في الروح القدس والمسيح والملائكة والقديسين، وتدعيم الإيمان عند الناس، وبذلك صارت تلك السلطة الكاثوليكية تقسم المجتمع إلى طبقتين “طبقة الروحانيين” الذين يمثلون الله في الأرض وما سواهم الذين يتم دعوتهم للانضمام إلى المجتمع الروحاني الزاهد عن الحياة.
الفكرة من كتاب الإسلام ومدارس الغرب
“إن الإنسان ابتعد عن نفسه ونسيها بقدر ما اهتمَّ بالعالم خارجه وتقدم فيه”، بهذا الاقتباس افتتح الكاتب كلامه عن تجاهل الإنسان البحث في نفسه وروحه وتفسير أصالته في العصر الحديث، ولذلك ابتعدت السعادة عن حياته وصار يبحث عن تلك السعادة الغائبة في كل مكان إلا نفسه، وطالما لم يجد الطريق الحق لفهم نفسه فلن يصل إليها.
يتحدث الكاتب بدايةً عن المدارس الغربية الفلسفية التي تفسر وجود الإنسان وماهيته، ثم يوضح التصورات الوجودية المختلفة عن الإنسان، ويطيل الحديث عن الماركسية وأفكارها وفشلها، ويفسر لماذا يتجاهل الإنسان الغربي الطريق الديني ويتجه إلى الإلحاد؟ مُبينًا قيمة الإسلام ودور المثقفين المسلمين وموقعهم من العالم الآن.
مؤلف كتاب الإسلام ومدارس الغرب
علي شريعتي، مفكر إيراني مسلم شيعي ولد في خُراسان 1933 وتخرج في كلية الآداب وذهب في بعثة إلى فرنسا لدراسة علم الأديان وعلم الاجتماع ليحصل على شهادة الدكتوراه، تُعد كتبه وأفكاره من ضمن العوامل التي أسهمت في الثورة الإيرانية والإطاحة بنظام الشاه، من أهم مؤلفاته: “مسؤولية المثقف”، و”العودة إلى الذات”، و”الإسلام والإنسان”، و”بناء الذات الثورية”.