رسالة الملك فيصل.. ثلاثية وحدة القبلة والتراب واللغة العربية
رسالة الملك فيصل.. ثلاثية وحدة القبلة والتراب واللغة العربية
كان الملك فيصل يرى نفسه جزءًا لا يتجزأ من شعبه، ويرى شعبه جزءًا لا يتجزأ من الأمة العربية والعالم الإسلامي بأسره. بنى فيصل قاعدة راسخة لوجوده، قائمة على ثلاثة أركان أساسية: القبلة التي تمثل ضرورة التمسك بتعاليم الإسلام، والتراب العربي الذي يعكس البعد الجغرافي للوجود، واللغة العربية التي تحافظ على التراث الحضاري والتاريخي لهذه الأمة. ومع ظهور المبادئ الماركسية في بعض الدول العربية، التي حاولت دمج التعاليم الدينية والتخفيف من قوتها لتسهل انتشارها، شعر الملك فيصل بخطرٍ يهدد هذه الأركان. لقد رأى أن هذه الأفكار تتعارض مع القيم الأساسية التي تؤمن بها المجتمعات المتدينة والتي تحترم حقوق الفرد وكرامته، وذلك لأن تلك المبادئ تعتمد على العنف والقسوة في فرض نظمها، متجاهلة الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة.
أمام هذا التحدي، أدرك الملك فيصل ضرورة مواجهة هذه الأفكار بطريقته الخاصة، وأعلن بصراحة أنه غير مهتم بهذه المبادئ، معتبرًا أن البيئة الطبيعية التي تتمتع بها المملكة كفيلة بمنع تسرب هذه الأفكار إليها. ولتعزيز موقفه، أسس منظمة “رابطة العالم الإسلامي”، فاختار مؤسسيها بعناية من مختلف البلدان الإسلامية، مفضلًا أن يكونوا بعيدين عن السياسة وألا تكون أسماؤهم معروفة للعامة. هذا الاختيار كان يعتمد على إيمانهم العميق وعقيدتهم الراسخة، وليس على الشهرة أو الدعاية. ودعم الملك فيصل هذه المنظمة بالمال والمكان، لضمان استمرارها في أداء رسالتها بعيدًا عن الأضواء والإعلام.
تعد رحلات الملك فيصل إلى تركيا والمغرب ومالي وغينيا وتونس نقطة تحول مهمة في مسيرة المملكة العربية السعودية، ليس فقط على المستوى الداخلي، بل أيضًا في تعزيز موقعها بين الدول الإسلامية. في تلك الرحلات، واجه فيصل الأزمات التي مرت بها الشعوب العربية والإسلامية نتيجة انتشار الفكر الماركسي والتطور الذي أطلق عليه “التقدمية” أو “العقائدية والثورية”. هذه التغيرات لم تقتصر على الفكر فحسب، بل أثرت أيضًا في الأنظمة الاقتصادية، إذ تحولت من رأسمالية مستقرة إلى اشتراكية تعتمد على الاغتصاب والنهب والتأميم. في هذا السياق، شرح الملك فيصل رؤيته للعالم الإسلامي بوضوح وصراحة، مما أكسبه تأييدًا واسعًا. لقد دعا إلى الوحدة بين المسلمين لتحقيق الازدهار وإنشاء حضارات عظيمة تعكس طباعهم وتقاليدهم. وبيّن أن الهدف الجماعي يستدعي إحياء الروابط التاريخية وتقويتها بين المسلمين، مؤكدًا أن المملكة ليست مصدر خطر على أحد. وشدد على أن دعوة التضامن الإسلامي التي ينادي بها هي لمصلحة العرب والمسلمين، وليست موجهة ضد أحد. كما أوضح التزام المملكة بعقيدتها الإسلامية، وأن المبادئ التي تقوم عليها هذه العقيدة تدعو إلى التعاون بين المسلمين حتى تنال كل الشعوب الإسلامية حريتها واستقلالها ويزول الفساد والظلم عنها.
الفكرة من كتاب صفحات مطوية من حياتي: مع المغفور له الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله – الجزء الأول
يعرض الكاتب بأسلوب رصين وسرد تاريخي دقيق المواقف والتحديات التي واجهها الملك فيصل خلال فترة حكمه، والتي كان لها دور كبير في تشكيل سياسة المملكة العربية السعودية والعالم العربي بأسره. يركز المؤلف على العوامل التي أسهمت في بناء شخصية الملك فيصل القيادية، بدءًا من نشأته في فترة مليئة بالتحديات السياسية والاجتماعية الكبرى، مرورًا بمواقفه الحاسمة في مواجهة الأزمات الدولية، وانتهاءً بإرثه الذي تركه للأمة الإسلامية.
مؤلف كتاب صفحات مطوية من حياتي: مع المغفور له الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله – الجزء الأول
حسن محمد عبد الهادي كتبي: ولد في شهر شعبان عام 1329هـ في مدينة الطائف. حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب، ثم التحق بمدارس الفلاح بمكة المكرمة، وهي مدرسة تعتمد على برامج مشابهة للأزهر الشريف. ثم التحق بالقسم العالي المتخصص في دراسة الشريعة في مدرسة الفلاح في بومباي بالهند، وتخرج فيها عام 1350هـ. وفي عام 1350هـ أسندت إليه مديرية المعارف العامة لتدريس القضاء الشرعي في المعهد العلمي السعودي.
من مؤلفاته:
هذه حياتي.
نظرات ومواقف.
سياستنا وأهدافنا.
ملامح من شخصية البلاد العربية المقدسة.