ردود فعل أكثر جدية

ردود فعل أكثر جدية
بالرغم من الخذلان المعهود سواء على الصعيد العربي أم الصعيد الدولي، كانت لبعض الدول والأفراد مواقف مشرفة، فأصدر شيخ الأزهر جاد الحق علي بيانًا نادى فيه الدول الإسلامية وهيئاتها الإغاثية ببذل أقصى الجهود لحماية سكان المنطقة ورفع العدوان، وثمن مبادرة الخارجية المصرية نحو الاعتراف باستقلال جمهورية البوسنة والهرسك، وأصدرت رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة بيانًا نددت فيه بالمجازر التي يتعرض لها الشعب المسلم وحذرت من كونها مؤامرة لإنشاء صربيا الكبرى، ونادت الحكومات والشعوب المسلمة بإغاثة أشقائهم المسلمين بكل الأشكال المتاحة قبل أن يطال العدوان أراضي إسلامية أخرى مثل مقدونيا وكوسوفو الألبانية.

وقد أرسل المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة بالقاهرة رسالة إلى الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي قبيل انعقاد المؤتمر بتركيا أكد فيها تأييد الشعوب المسلمة لكل ما يتخذه المؤتمر من قرارات لردع العدوان، ودعا وزراء الخارجية في المؤتمر إلى تبني خطة عاجلة لتسليح شعب البوسنة ومشاركة قوات إسلامية ضمن قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام، وكذلك دعم الجهاد الشعبي في تلك الأرض، كما نادى بقطع العلاقات مع دولة يوغوسلافيا ومقاطعة المصالح والشركات التابعة لها وطرد سفرائها من الأوطان الإسلامية.
المطالب نفسها أقرتها نقابة الأطباء المصرية بالقاهرة في مؤتمر عقدته لنصرة شعب البوسنة، وزادت عليها إدانة أمريكا ومجلس الأمن والأمم المتحدة بعد اتهامها بالكيل بمكالين، كما أوصت بتشكيل فرق طبية وتجهيزها بالإسعافات الأولية والأطباء لإغاثة الشعب المكلوم.
وعلى الصعيد الدولي قدم تاديوش مازوفسكي -محقق الأمم المتحدة في انتهاكات حقوق الإنسان- استقالته عام 1995م بعد دخول القوات الصربية مدينة سربرنيتشا التي عدتها الأمم المتحدة ملاذًا آمنًا واحتجاجًا على قرار نزع السلاح عن البوسنة، كما ندد سياسي بريطاني بالقرار قائلًا: “أن تنزع سلاح شعب على أساس أنك تحميه ثم تفشل أن تحميه فهو خديعة إذا أحسنا الظن، أما إذا أسأنا الظن فهو خيانة”.
وفي هذا الصدد اتخذت مجموعة الاتصال الإسلامية قرارًا متأخرًا أوضحت فيه أن الدول الإسلامية غير ملزمة بقرار حظر الأسلحة عن البوسنة والهرسك.
الفكرة من كتاب البوسنة والهرسك: نكبة المسلمين المعاصرة
كأننا في عام 1995م والحرب على أشدها في أرض غالية عُبد فيها الله سبحانه، كأننا نستمع لمراسل حرب عاش أجواءها وهو يمدنا -بعد بضع سنوات من اندلاعها- بتفاصيل المجازر وأعداد الشهداء وأحوال النازحين، نتابع معه أحوال تلك البلاد التي بلغت القاع وظُن أنها أندلس جديدة، يصيبنا اليأس، نتحسر، نبكي على انحداراتنا التي لم تعد تُحصى ثم نبتهج.. هناك أمل يلوح في الأفق، المقاومة بخير، وهي تدحر العدو عن أراضي الإسلام شيئًا فشيئًا، المجتمع الدولي مرتبك، والخصمان عنيدان، وخطة السلام المقترَحة تبدو مجحفة لأصحاب الأرض، فإلى أين تسير الأمور؟ هل ستضع الحرب أوزارها أم إن المجازر ستستمر؟
مؤلف كتاب البوسنة والهرسك: نكبة المسلمين المعاصرة
محمود بيومي: كاتب وصحفي مصري ولد عام 1946م، درس اللغة العربية في كلية الآداب جامعة عين شمس، وعمل رئيسًا لتحرير مجلة العربي في الفترة من 1992م إلى 2000م، وقد ألف عدة كتب منها:
اعتقال شعب: مأساة المسلمين في آسيا الوسطى.
الإسلام في خطر.