رحلة مستهلك
رحلة مستهلك
إن معرفة المُستهلكين تتوقف عند شراء الملابس الجاهزة من المتاجر، وليست لديهم أي معرفة عن سلسلة عمليات التصنيع والنقل التي تسبق وصول هذه الملابس إلى أرفف المتاجر، ولأن الجهل ليس نعمة، ففي أحد الأيام كان “كيلسي” يتفحص ملابسه الجاهزة في الخزانة الخاصة به، فوجد أن ملابسه الداخلية من ماركة (جينجل ذيس) عليها مُلصق مكتوب عليه صُنع في بنجلاديش، ووجد أن سراويله الجينز الزرقاء التي تعبِّر عن الهوية والثقافة الأمريكية عليها مُلصق مكتوب عليه صُنع في كمبوديا، ووجد أن الشبشب المطاطي الخفيف الذي يرتديه مكتوب عليه صُنع في الصين، وعندما كان يتفحص (التي-شيرت) المفضل لديه، وجد عليه مُلصقًا مكتوبًا عليه صُنع في هندوراس، فشرد بذهنه، وقرر السفر والترحال مثل العديد من الرحلات التي قام بها، لكن ليس من أجل المتعة، بل من أجل أن يجيب عن سؤال: أين تُصع ملابسي؟
في المرحلة الجامعية كان “كيلسي” يدرس مادة (مقدمة في علم الاجتماع)، وكان يعلم أن العولمة مشكلة، وكان الجميع بما فيهم هو معارضين لها، إذ بسببها أغلقت المصانع وفقد الكثير من الأمريكيين وظائفهم، وانتقلت العديد من المصانع إلى دول الجنوب (الدول الموجودة في آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية)، وتعرض الفقراء الذين احتفظوا بوظائفهم للاستغلال، ومن ثمَّ كان من المسلَّم به عند النقابات الأهلية، أن جميع الملابس صُنعت في (المصانع المُستغِلة) وهي المصانع التي تعامل العمّال معاملة سيئة، وتعطيهم أجورًا متدنية، لذلك قرر “كيلسي” السفر ليقابل عمّال المصانع الذين صنعوا ملابسه ليسد الفجوة بين المُنتج والمُستهلك، ليكتشف أن صناعة الملابس تضم أعدادًا كبيرة من العمّال، وأن العولمة تبحث باستمرار عن العمالة الرخيصة التي تتمتع بالثقة والوفاء للمعايير الصارمة للصناعة، وأن العمال رغم تقاضيهم أجورًا منخفضة للغاية، فإنهم لا يريدون أن تقاطع المنتجات التي تنتجها المصانع التي يعملون فيها، ومطالبهم تقتصر فقط على العمل عدد ساعات أقل، وأن يتقاضوا راتبًا أعلى يلبي احتياجاتهم الضرورية في الحياة.
فبالنسبة إلى عمّال المصانع الموجودة في الدول الفقيرة، تأتي الأسرة في المقام الأول، وهي بالنسبة إليهم كل شيء، وإعالتها أهم من الوجود معها، لذلك قد تفكر لبعض الوقت في أن عمالة الأطفال قد لا تكون سيئة على الدوام، وأن العمل في ظروف سيئة ليس هو المشكلة، بالنظر إلى الواقع والظروف المحيطة وقلة الخيارات المتاحة، والحقيقة التي يجب أن ندركها أن الاستغلال قد يحدث على أي مستوى، باستثناء مستوى واحد، وهو أن العمال ليسوا في موضع يمكنهم من استغلال أحد، فالعولمة تفرض التغيير على الجميع سواء شئنا أم أبينا ذلك التغيير، وسواء كنا مستعدين له أم لا!
الفكرة من كتاب أين تصنع ملابسنا؟ رحلة حول العالم لمقابلة صنّاع الملابس
سأل الكاتب نفسه سؤلًا، وهو أين تُصنع ملابسي؟ ولأجل الإجابة عن هذا السؤال خرج الكاتب من بلده وخاض رحلة حول العالم زار فيها المصانع المنتجة لملابسه للحصول على الإجابة، وحتى يتعامل بوصفه مستهلكًا وجهًا لوجه مع المُنتج دون وسيط، وخلال الكتاب يعرض لنا الكاتب أحوال العمّال وظروف عملهم، وأحوالهم الاجتماعية، وكيف السبيل إلى تحسينها.
مؤلف كتاب أين تصنع ملابسنا؟ رحلة حول العالم لمقابلة صنّاع الملابس
كيلسي تيمرمان: صحفي مستقل، ومتحدث تحفيزي من ولاية أوهايو بالولايات المتحدة الأمريكية، له كتابات منشورة في صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية.
معلومات عن المترجم:
رشا صلاح الدخاخني: مترجمة مصرية تخرجت في كلية الآداب جامعة القاهرة، وعملت منذ تخرجها في مجال الترجمة للعديد من المكتبات ودور النشر، وحاصلة على دبلومة ترجمة الأمم المتحدة والترجمة القانونية من الجامعة الأمريكية، تعمل حاليًّا في وظيفة مترجم أول بمؤسسة هنداوي، من ترجماتها:
رفقة الغرباء: تاريخ طبيعي للحياة الاقتصادية
التدريس المُتمركِز حول المُتعلِّم
صانع المعجزات