رحلة البحث عن الاحتياجات المفقودة
رحلة البحث عن الاحتياجات المفقودة
كل فرد لديه حاجة إلى الانتماء يُلبيها عبر الدخول في علاقة، وتتوقف طبيعة العلاقة أو التعلق العاطفي على تلبية حاجات الفرد في مرحلة الطفولة أو إنكارها، فمن أُشبعت احتياجاته وقُدم إليه حب غير مشروط، يتمتع بمستوًى عالٍ من احترام الذات والثقة والاستقلاليَّة، مما يجعله يميل إلى التعلق الآمن، لكن من لم تُلبَّ احتياجاته النفسيَّة والجسديَّة، وفشل مقدمو الرعاية في تكوين علاقة ارتباط آمنة معه بسبب عدم الخبرة، أو معاناة الاكتئاب أو الإدمان، أو الانفصال، يقع تحت وطأة التعلق غير الآمن، الذي ينقسم ثلاثة أنواع:
النوع الأول هو النوع القلق المشغول | Anxious attachment، يعانيه مَن يشعرون بعدم الثقة بأنفسهم والحاجة الشديدة إلى الاعتماد على شركائهم وتمجيدهم، على الرغم من أنهم قد يُصبحون عدوانيين إذا تعرضوا للرفض أو الخذلان، والنوع الثاني هو التعلق التجنبي | Dismissive-avoidant attachment، ينتج عن سوء المعاملة أو الإهمال من قِبل مُقدمي الرعاية، مما يجعل من يتسمون به يُفضلون عدم الاعتماد على الآخرين أو جعل الآخرين يعتمدون عليهم، يتسمون بتقدير كبير لذواتهم، وإقامة روابط سطحيَّة وعلاقات قصيرة الأمد خالية من أي التزامات، أما النوع الثالث فهو التعلق غير المُنتظم | Fearful-avoidant attachment، ينتج عندما يكون مُقدمو الرعاية مصدرًا للراحة والخوف في الوقت نفسه، ليعاني الفرد تدني احترام الذات والخوف من التعلق، بالإضافة إلى التقلبات الداخليَّة التي تنعكس على العلاقة لتتسم بالتقلبات والصراع الدرامي.
إلى جانب تبني السلوكيات الخاصة بتلك الأنماط من التعلق، يُمكن الوقوع في فخ ارتباط الصدمة، وهي عملية تدريجيَّة تبدأ بمرحلة قصف الحب، وهي مرحلة تدفق جرعات الدوبامين والإندروفين نتيجة السعادة المُفرطة والشعور بالتميز والحب، فيبدو الوضع مثاليًّا حتى تتحول العلاقة إلى مستوًى أكثر برودة يكشف فيه المُعتدي عن نواياه عبر سلسلة من الألاعيب السامة، وتظل الضحية في حالة من الإنكار واستحضار فتات الاهتمام.
الفكرة من كتاب تعافيت.. طريقك نحو التحرر من قيود التعلق العاطفي والإساءات النفسية
“تغافل لكي تستمر الحياة”..
“هكذا هي الحياة”..
“لا أحد سعيد”..
هذه عينة من المُثبطات التي تُستخدم للبقاء في العلاقات السامة، فالطبيعة البشريَّة تُفضل البقاء في منطقة الأمان الضيقة | comfort zone بدلًا من السعي إلى التغيير، وتنتظر أن تتغير الأوضاع وحدها دون تدخل، لكن كما وعد الله -عز وجل- في قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾، وأولى خطوات التغيير هي خطوة استكشاف البذور المُسرطنة التي غُرست في العقول منذ الطفولة، وكيف تحولت تلك البذور إلى أفكار وسلوكيات وأدوار مُشوهة جعلت من ذويها فريسة سهلة للإساءة والاستغلال.
مؤلف كتاب تعافيت.. طريقك نحو التحرر من قيود التعلق العاطفي والإساءات النفسية
علي موسى: كاتب وخبير العلاقات وتطوير الذات، حاصل على البكالوريوس في علوم الاتصال من كلية الإعلام جامعة القاهرة، ودبلومة الصحة النفسيَّة من جامعة عين شمس، وشهادات من غرفة التجارة الأمريكيَّة والاتحاد الدولي للمدربين في مجال التطوير والقيادة، بالإضافة إلى شهادات من الولايات المُتحدة الأمريكيَّة في مجال التدريب، قدم عديدًا من الاستشارات والمحاضرات في العلاقات الأسريَّة وتطوير الذات داخل مصر وخارجها، كما صدر له عدد من المؤلفات، منها:
كتاب GPS: كيف تعيش سعيدًا بعد الزواج.
اكتفيت: لا مزيد من الوجع – لا مزيد من الخذلان.
الزم حدودك: روشتة واقعية للتعافي من العلاقات المؤذية.