رحالة الصراع بين الأصالة والتجديد
رحالة الصراع بين الأصالة والتجديد
رفاعة الطهطاوي هو الأديب والرحالة، أحد أهم رجالات النهضة في القرن التاسع عشر، بدأ دراسته في الجامع الأزهر، ثم عمل كواعظ في الجيش، وسافر إلى فرنسا كإمام للرحلة مع البعثات العلمية التي كان يرسلها محمد علي إلى أوروبا لدراسة العلوم والاستفادة من الحضارة الأوروبية، انبهر الطهطاوي بنتاج هذه الحضارة الحديثة وسجَّل معالمها وإنجازاتها التي حازت إعجابه، رغم ذلك فلم يستطِع تقبُّل بعض عادات الشعوب الأوروبية، وسجَّل تحفُّظه على معظمها، يُعدُّ الطهطاوي هو الرحالة الوحيد في العصر الحديث الذي أفرد كتابًا في موضوع الرحلة وهو كتابه “تخليص الإبريز في تلخيص باريز”، وربما نجد شيئًا من التشابه بين الطهطاوي وابن فضلان، فكلاهما أُرسل إلى أوروبا بأمر الملك وكلاهما سجَّل عادات وأحوال الشعوب الأوروبية، ولكن المفارقة أن ابن فضلان كان مبعوثًا كمعلم وسخر من عادات الأوروبيين وجهلهم، أما الطهطاوي وبعثته فكانوا ذاهبين لنقل تلك الحضارة بنفسية المهزومين.
وعلي مبارك هو الأديب والرحالة، وأحد الرجال الذين برزوا في مصر في القرن التاسع عشر، وُلد في قرية بمحافظة الدقهلية، وتلقى تعليمه الأوَّلي على يدي أبيه وكُتَّاب قريته، لينتقل بعدها إلى مدرسة القصر العيني، ثم التحق بالمدرسة التجهيزية لكلية الهندسة، وهو أيضًا من جيل البعثات العلمية، حيث انضم إلى بعثة علمية لدراسة العلوم العسكرية والهندسية في باريس، ويعدُّ علي مبارك من أبرز رجال الإصلاح في العصر الحديث حيث تولَّى مشروعًا لمحو الأمية، واهتم بتطوير مناهجه وتحديثها حتى أصبح شبيهًا بجامعة مُصغَّرة، سجَّل الرحَّالة تفاصيل رحلته ومشاهداته في كتابه “علم الدين”، وهو لا يتخصَّص في فن الرحلة فقط، ولكن يجمع العديد من مواضيع العلوم والفنون.
ومحمد رشيد رضا هو العلامة الأديب والرحَّالة، وُلد في القلمون بلبنان عام 1865م، أحد أشهر العلماء والأدباء في العصر الحديث، ويعد امتدادًا لجيل من العلماء الإصلاحيين وتلميذًا للشيخ محمد عبده والأستاذ جمال الدين الأفغاني، حازت رحلاته على أهمية المؤرخين والمهتمين بأدب الرحلات، لأنه عاصر الحرب العالمية الأولى التي انتهت بسقوط الدولة العثمانية، ورأى أثر هذا التفكُّك في البلاد العربية، كما أنه شارك في بعض تلك التحولات السياسية، ومن أهم إسهاماته الإصلاحية تأسيسه لمدرسة دار الدعوة، سجَّل الأستاذ تفاصيل رحلاته وإسهاماته في مجلة “المنار” التي أسَّسها عام 1898م.
الفكرة من كتاب مشاهير الرحالة العرب
يعدُّ أدب الرحلات من أقدم الفنون التي اشتركت فيها جميع الأمم القديمة المتحضِّرة، فالإنسان منذ يومه الأول وهو متلهِّف إلى المعرفة، مجذوب إلى المجهول بطبعه، ولم تنحصر الرحلات على الأفراد فقط، فقد قام الملوك القدماء برحلات كبرى قصدوا بها التجارة أو الاستكشاف، فأقام الفينيقيون مستعمرات من خلال رحلاتهم التجارية على طول البحر المتوسط، وكذلك فالمصريون القدماء سجَّلوا رحلاتهم التجارية إلى بلاد بونت، واتخذ العرب الرحلة طريقة للعيش، ونقلت لنا الكتب رحلة امرئ القيس الذي كان يطلب فيها مُلك أبيه المفقود، ومات الملك الضليل وخَلدَت الرحلة.
مؤلف كتاب مشاهير الرحالة العرب
كمال بن مُحمد الريامي.