رجال لكل زمان
رجال لكل زمان
“إِلَّا بِلَالًا فَإِنَّهُ هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِي اللَّهِ وَهَانَ عَلَى قَوْمِهِ، فَأَخَذُوهُ فَأَعْطَوْهُ الْوِلْدَانَ فَجَعَلُوا يَطُوفُونَ بِهِ فِي شِعَابِ مَكَّةَ وَهُوَ يَقُولُ: أَحَدٌ أَحَدٌ” هكذا قال ابن مسعود (رضي الله عنه) عن بلال (رضي الله عنه) في أول الدعوة، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلَّم): “لقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد، وأُخِفت في الله وما يخاف أحد، ولقد أتت عليَّ ثلاثون من بين يوم وليلة وما لي ولبلال ما يأكله ذو كبد إلا ما يواري إبط بلال”، فتأمَّل كيف حال القلب الأوَّل، كيف يقوم الأمر في بدايته على أشد ما يكون؟ ولكنَّ الأمر له رجاله.
ثم إنك ترى نماذج رجولية أُخرى في كل مرحلة من مراحل الإسلام، فها هو الصحابي عمرو بن الجَموح (رضي الله عنه) كان رجلًا شديد العرج، وله من الأبناء أربعة لكنه يوم أُحد أراد الخروج، أبى أبناؤه وأنه لا حرج عليه، إلا أنه قال: “بخٍ يذهبون إلى الجنة وأجلس أنا عندكم!”، فخرج رضي الله عنه ودعا ربه: “اللهم ارزقني الشهادة، ولا تردني لأهلي خائبًا”، فاستشهد في أُحد وقال عنه (رسول الله صلى الله عليه وسلَّم): “والذي نفسي بيده إن منكم من لو أقسم على الله لأبرَّه، منهم عمرو بن الجَموح، ولقد رأيته يطأ في الجنة بعرجته”، فماذا كان يعلم الصحابي عمرو بن الجَموح إذًا؟ ماذا كان يُبصر؟ ليختار حرارة السيوف على الأمن وقد كان لا حرج عليه.
وإذا تقدَّمت بالزمن وجدت نموذجًا كان بيننا، قدَّم لله ما قدَّم رغم أنه قعيد ضعيف البصر، إنه الشيخ أحمد ياسين (رحمه الله) قضى عمره في جهاد الصهاينة، سجنوه مرات عديدة، إلا أنه كان يخرج في كل مرة أقوى من ذي قبل، جمع الرجال وعلَّمهم العلم والدين والجهاد، انتقل من شعارات قومية إلى كلام القرآن والسنة النبوية، وقد استشهد (رحمه الله) بعد صلاة الفجر حين استهدفته طائرة الأباتشي.
الفكرة من كتاب صناعة الرجولة في مدرسة محمد (صلى الله عليه وسلم)
كان من مكائد اليهود في العهد النبوي وجهلهم يقولون: “مُحمَّد خلَّف بناتٍ” محاولين إحباط مصانع الرجولة الإسلامية، إلا أن محاولتهم محاولة بائسة، وذلك لأن النبي (صلى الله عليه وسلَّم) خلف من بعده رجالًا لا يخشون الموت، رجالًا أمامهم إحدى الحُسنيين، رجال يقولون بأعلى أصواتهم: “قوموا، فموتوا على ما مات عليه نبيُّكم” وهم في أشد أزماتهم.
وفي كتابنا يعرض الكاتب نماذج عديدة من السيرة النبوية ومن القرآن الكريم في محاولة لتكوين كيف تكون صناعة الرجولة، وما مفهوم الرجولة في الإسلام؟ وهل يقتصر على الذكور وحدهم دون النساء؟ كل تلك الأسئلة نجد إجاباتها في رحلتنا مع هذا الكتاب.
مؤلف كتاب صناعة الرجولة في مدرسة محمد (صلى الله عليه وسلم)
محمد عبد المعطي محمد: طبيب استشاري، وباحث شرعي، له اهتمام كبير بمجال التربية، وله عدد من المؤلفات، منها:
“بالحب نُربي أبناءنا”.
“علِّم ابنك كيف يسأل ربه وكيف يشكو حزنه إلى الله”.