ذهنية التنمية
ذهنية التنمية
بعد الإجابة عن هذه الأسئلة الأساسية، تبقى الذهنية التي يستحيل في غيابها النجاح في حل المعضلات التي تشكل جزءًا لا يتجزأ من التحول التنموي، وتضمن إذا وجدت أن يمكن الاعتماد عليها للتعامل مع التفاصيل واثقين من قدرتها على الوصول إلى حلول لهذه المعضلات.
والذهنية المطلوبة هنا هي ذهنية علمية تلجأ إلى الأسلوب العلمي في حل المشاكل بدلًا من التخبط الخالي من منهجية، أو الانحراف تجاه الحلول الأيدولوجية بينما تعترف في الوقت ذاته بالحدود والقيود التي يفرضها الواقع،ويطلق على هذه العقلية “الذهنية التنموية”.
هذه الذهنية التنموية ترفض الاعتقاد السائد في العالم الثالث بأن المال هو العامل الوحيد في معادلة التنمية، وتنفر من ترك العبء التنموي على عاتق الدولة بل تشجع القطاع الخاص على تقديم الخدمات للقادرين، لتخفف عن الجهات الرسمية وتمكنها من تقديم خدمات أفضل لغير القادرين، كما أنها تستطيع أن ترفع من كفاءة الخدمة في الوقت نفسه الذي تخفض فيه تكلفتها.
إذًا فهذه الذهنية التنموية التي تتبع أساسًا علميًّا ترتبط ارتباطًا مباشرًا بالتعليم، الذي يعد هو المفتاح السحري للتنمية والذي يستحيل تحقيقها من دونه ولو توافرت كل عناصرها الأخرى. لذلك، فإن الهدف الأول من الإصلاح يجب أن يكون القضاء التام على الأمية، والتعليم الإلزامي لكل طفل لمدة لا تقل عن تسع سنوات، والهدف الثاني يجب أن يكون الربط بين متطلبات التنمية ومناهج التعليم بحيث تسد حاجة المجتمع إلى الكفاءات المدربة اللازمة لنجاح التنمية. وأخيرًا، بعد إصلاح النظام التعليمي يجب إعطاء البحث العلمي ما يستحقه من اهتمام.
الفكرة من كتاب التنمية ..الأسئلة الكبرى
عبر السنين ظهرت كمية هائلة من الأدبيات التي سميت ب”علوم التنمية”، فمنها ما درس التنمية من جانبها الاقتصادي ومنها ما اهتم بالعوامل السياسية أو ركز على العناصر النفسية، ومنها ما حلل الجوانب الاجتماعية أو غيرها من الجوانب، لكن هذه الأدبيات جميعًا كتبها اختصاصيون ليقرأها اختصاصيون آخرون، فأصبحت قراءة هذه الكتب بمعادلاتها ورسومها البيانية والجداول والإحصائيات التي احتوتها شاقة الفهم على غير المتخصصين.
من هنا يأتي هذا الكتيب ليناقش التنمية بأسلوب بسيط يمكن للقارئ العادي أن يفهمه، فيقصد بالتنمية التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي نجحت بعض دول العالم دون البعض الآخر في الوصول إليها، فمحصلة الفارق بين حالة المواطن في الدول الصناعية وحالته في دول العالم الثالث هى التنمية. في هذا الإطار يجيب الكتاب عن هذه الأسئلة الأربعة الأساسية: لماذا، ولمن، وماذا، وكيف ننمي؟
مؤلف كتاب التنمية ..الأسئلة الكبرى
غازي عبد الرحمن القصيبي، من مواليد الإحساء بالمملكة العربية السعودية عام 1940م/1359هـ. درس الحقوق بجامعة القاهرة ثم التحق بالدراسات العليا في لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية متخصصًا في العلاقات الدولية. في ما بعد حصل على الدكتوراه من جامعة لندن كلية university college وكان موضوع رسالته عن اليمن.
على مدار حياته عمل مدرسًا مساعدًا ومستشارًا لبعض الجهات الحكومية، ثم تولى الكاتب مناصب إدارية متعددة كعميد لكلية التجارة بجامعة الملك سعود ورئيس لهيئة السكة الحديد قبل أن يصبح وزيرًا للصناعة والكهرباء، ومن ثم وزيرًا للصحة. تخللت مهامه الوزارية فترة من العمل سفيرًا للمملكة بالبحرين ثم في المملكة المتحدة قبل أن يعود إلى الوزارة مرة أخرى وزيرًا وزير للمياه والكهرباء ثم أخيرًا ك
وزيرًا للعمل.
توفي غازي القصيبي في عام 2010 تاركًا من خلفه إرثًا من مؤلفات الشعر والأدب، أشهرها رواية “شقة الحرية”، وكتاب “حياة في الإدارة” وكتاب “التنمية وجهًا لوجه”. أما عن الأعمال الشعرية فمنها قصيدة “رسالة المتنبي إلى سيف الدولة” و قصيدة “القلم تم بيعه وشراؤه”.