ذنب من لا ذنب له!
ذنب من لا ذنب له!
كما أشرنا سابقًا إلى أن الهندوسيّة تشمل عددًا كبيرًا من العقائد الفاسدة، وذكرنا منها الإحلال، وتناسخ الأرواح.
هناك أيضًا عقيدة الكارما، ووفقًا لهذه العقيدة فالبشر يولدون نتيجة أعمالهم السابقة، فمن كان فاسدًا فإنه سيولد في حياة أُخرى في طبقةٍ أقل، أو ببلاءات أشد، ولهذا ينظر الهندوس إلى الشخص المُبتلى على أنّ بلاءه نتيجة عمله في الحياة السابقة، ونتيجة لآثامه التي ارتكبها.
وهذا التصوّر بدوره يُفسد طبيعة العلاقات الاجتماعية، ولا يُقدّم أي خدمة للإنسانية، لأنه يُقرر أن الفقير مثلًا أو المريض أو الضعيف سبب بلائه هذا هو عقوبة لجريمة سابقة في حياته السابقة، وهذه بذاتها نظرة تشاؤمية للوجود، ولهذا قسّمت الهندوسيّة البشر إلى أربع طبقات: طبقة البراهمين، وهم المعلمون والكهنة، وطبقة الكشاتريا، وهم المحاربون والملوك، وطبقة الفيشية، وهم المزارعون والتجار، وأخيرًا طبقة الشودر: وهم العُمّال، وهي الطبقة المنبوذة التي لا يصلح أصحابها إلا في الأعمال المُدنسة، وهذه النظرة فوّتت الكثير من الخير وفرص المساعدة وتقديم يد العون للآخرين.
على عكس الإسلام الذي يؤمن فيه المُسلم باليوم الآخر والجنّة والنار، وهو مُحاسب على كل عملٍ أو قول، ومن ثم فإن تقديم يد العون للمبتلين والضعفاء هو أمر يؤجر عليه، كما أن المُسلم يؤمن بأن البشر جميعهم يولدون أبرياء، وأنه بالتقوى يحصل التفاضل بين الناس عند الله عزّ وجل، فقيمة الإنسان ليست في شكله ولا طبقته ولا مستواه المادي، ولكن قيمته بالأعمال الصالحة.
والعجيب أن هذه المبادئ هي ما كانت تدعو إليها الفيدا القديمة، فقد جاء في الريج فيدا “اجعلني خالدًا في المكان الذي توجد فيه جميع أنواع المتع والسرور، والذي يعطي فيه ما تشتهيه الأنفس”، وقد ذكر فيها أيضًا: “مكان غاية العمق بعيد قعره للمذنبين” فأين هذه الأماكن في فكرة تناسخ الأرواح وتكرار الولادات؟
الفكرة من كتاب الهندوسيّة في ميزان تعاليمها الأصلية والعقل والفطرة السليمة: سؤال وجواب
كثيرًا ما نسمع عبارات مثل “الهندوس يعبدون البقر”، أو “الهندوس يعتقدون بعودة الروح مرّة أخرى في جسد آخر” وغيرها من الجُمل التي ترتبط بالهندوسيّة، فما مدى صحّة هذه العبارات؟ وإن كانت صحيحة فما تفسير ذلك؟ وكيف يُمكننا إقامة الحُجّة عليها؟ وهل هندوسيّة اليوم هي الهندوسيّة القديمة؟
يُشكّل أتباع الهندوسيّة نحو 15% من سُكّان العالم، ويتمركزون في دولة الهند، ويمكننا تقسيم الهندوسيّة إلى: هندوسيّة الفيدا، والهندوسيّة المُعاصرة، وسيُبيّن كتابنا الفرق بينهما، ويشرح ما وزن العقائد الهندوسية في الميزان العقلي، والعلمي، والشرعي الإسلامي.
مؤلف كتاب الهندوسيّة في ميزان تعاليمها الأصلية والعقل والفطرة السليمة: سؤال وجواب
هيثم طلعت: باحث وداعية مصري وُلد عام 1981م، حصل على البكالوريوس في الطب والجراحة في جامعة أسيوط، اشتهر بنقده للإلحاد، ونظرية التطوّر، وغيرها من القضايا المُعاصرة، له عدد من المؤلفات، منها: كهنة الإلحاد الجديد، الإلحاد الروحي وخطره على العقيدة والعقل، موسوعة الرد على الملحدين العرب.