ذكريات الطفولة
ذكريات الطفولة
من منا لا يهتم بذكريات الطفولة ويحب أن يزورها مرارًا وتكرارًا؟! ولكن هل فكرنا في مدى دقة هذه الذكريات؟ في حقيقة الأمر، تتأثر ذكريات الطفولة بعاملين يحدان من دقتها، وهما: الهذيان وارتباك المصادر. أما الهذيان فيرمز إلى ظهور ذكريات وتجارب وأحداث لم تظهر قط، وفي المقابل يشير ارتباك المصادر إلى إساءة تحديد مصادر ذكريات الطفولة، فقد نخلط بين ما نتخيله عن طفولتنا وما كانت عليه في الحقيقة، أو نخلط بين ما يحكيه الوالدان والإخوان والأصدقاء، وذكرياتنا الفعلية.
ولدينا تجربة قد أجريت بواسطة عالمين متخصصين في علوم الذاكرة وهما أَيرَا هِيمَان | Ira Heyman وجُويل بنتِلَاند في جامعة ويسترن واشنطن عام ألف وتسعمئة وخمس وتسعين 1995م، وكان الغرض من هذه التجربة رؤية إلى أي حد سيتذكر المشاركون أحداثًا لم تقع قط في ما يخص طفولتهم. أما نتائج التجربة فكانت مذهلة! إذ توصل القائمون على التجربة إلى أن 25 في المئة من المشاركين تبنوا ذكريات كاذبة لحدث ما بِتكرار تخيل وقوع هذا الحدث وترديد ما يتخيلونه بصوت مرتفع، وتبين التجربة أنه يمكننا أن نخطئ في تحديد مصدر ذكريات الطفولة، وأن نظن ما تخليناه قد حدث بالفعل، وقد نأخذ معلومات وحكايات الآخرين ثم ننسجها جزءًا من ماضينا الشخصي.
ومما لا يخفى على أحد أن ذكريات المراهقة والشباب ربما تكون أكثر وضوحًا من ذكريات الطفولة، وذلك له أصل في علم المخ والأعصاب، وهو أن هناك علاقة بين الذاكرة القصيرة المدى أو الذاكرة العاملة والفص الجبهي المختص بمستويات التفكير العليا والفص الجداري المختص بالحواس واللغة، وكلما تقدمنا في العمر، تطورت العلاقة بين هذه الأجزاء الثلاثة من المخ، ومن ثم تحسنت قدرتنا على الاحتفاظ بالمعلومات.
ووفقًا لبنية المخ، فقبل سن الثالثة يكون كل شيء جديدًا وغير مألوف، وخلال هذه المرحلة الباكرة نحن لا نعرف ما هو المهم، ولا يكون لدينا البناء اللغوي المساعد في إدراك العالم من حولنا، ولا نمتلك أيضًا الأسس المعرفية التي تمكننا من الفهم والتمييز بشكل ملائم، ولهذا تقف كل هذه الأسباب في وجه تكوين ذكريات حقيقية قبل سن الثالثة ونصف.
الفكرة من كتاب الذاكرة درة تاج الصحة: التذكر والنسيان وعلم الذاكرة الزائفة
يأخذك هذا الكتاب في رحلة استكشافية إلى أعماق ذاكرتك، ستطرق باب بيت الذاكرة وتدخله لترى كيف تتذكر أو تنسى، وتتعرف على ضروريات تحتاج إليها الذاكرة، وتلقي نظرة على ذكريات الطفولة، ولن تنتهي الرحلة حتى تدرك ما تتعرض له الذاكرة من مؤثرات قد تذهب بها بعيدًا إلى ركن الأوهام، فاربط الأحزمة واستعد جيدًا لانطلاق الرحلة وشاهد الذاكرة كما لم ترها من قبل!
مؤلف كتاب الذاكرة درة تاج الصحة: التذكر والنسيان وعلم الذاكرة الزائفة
جوليا شو : كاتبة وعالمة نفس، حاصلة على درجة الدكتوراه في علم النفس، متخصصة في علوم الذاكرة وعلم النفس الجنائي، وخبيرة في القضايا القانونية.
من مؤلفاتها:
Evil: The Science Behind Humanity’s Dark Side
Bi: The Hidden Culture, History, and Science of Bisexuality