ذاتية السعادة
ذاتية السعادة
من السهل على الأشخاص الإجابة عما يجعلهم سعداء عن محاولة تعريف السعادة ككل، والحقيقة أن إجاباتنا تختلف، ما يشير إلى ذاتية السعادة، فليس كل ما يجعلك سعيدًا هو ما يجعل الآخرين سعداء، فعاش الناس قديمًا دون أن يطرحوا على أنفسهم مسألة السعادة واكتفوا بدورهم في المجتمع، لكن في وقتنا الحالي لا ترتبط السعادة بالمعطى المباشر للحياة اليومية، وإنما تتعلَّق بممارسة حريتنا وإرضاء رغباتنا، في ظل مواجهة مخاوفنا وأي تجارب خارجية سلبية، هكذا ندرك أن السعادة حالة معقَّدة وعابرة، وهذا يُفسِّر استخدام مصطلح الهناء الذاتي في الأوساط العلمية بدلًا من السعادة، حيثُ يُقاس هذا الهناء بسؤال الفرد عن رضاه الكُلي عن حياته دون النظر إلى حالته اللحظية المُتغيِّرة.
ويرى غوستاف فلوبير أننا نبحث عن السعادة من خلال إرضاء طبيعتنا وآمالنا المختلفة، فمثلًا من الناس من يأمل في السعادة على الأرض، ومنهم من يأمل بالسعادة في الآخرة، فنجد من ضحَّى بسعادته الدنيوية وفاء للحقيقة، فقد آمن بالسعادة المؤجَّلة القائمة على التضحية من أجل قضية أكبر منه، فالمهم إذًا في البداية التعرُّف على نقاط ضعفنا وقوتنا ونُحسن من أنفسنا وألا نقاوم وجودنا لأن سعادتنا القصوى تكمن في شخصيتنا.
وعلى الرغم من أن الرغبة في السعادة شيء مشترك لدى الجميع، فإننا نختلف فيما نفعله بها، فقد نأمل في السعادة ولا نلاحقها، ولا نعمل على توظيف أي وسائل لبلوغها، فالسعادة ليست نتيجة حاجة طبيعية لكنها بناء عقلي يمكن أن يبُدله الشخص بالحرية أو العدالة لأن السعي إلى السعادة الكاملة يتطلَّب ذكاء ومجهودًا وإرادة، ويمكننا اختيار التخلِّي عن ملاحقتها تمامًا لأنها متقلِّبة وغير أكيدة، ونقرِّر أن نعيش اللحظة بلحظتها، فلا أحد يتصرَّف كالآخر.
الفكرة من كتاب في السعادة.. رحلة فلسفية
لطالما كانت السعادة موضوعًا أساسيًّا يشغل بالنا، وقد نمضي حياتنا كلها في ملاحقته، لذا من الجيد أن نعرف أننا لسنا بمفردنا، وأن الكثير من العقول التي مرَّت على تاريخ البشرية وقفت أمام السعادة وتساءلت عن معناها وعن سبيل الوصول إليها، ويقدِّم لك هذا الكتاب رحلة فلسفية ستسير فيها جنبًا إلى جنب مع الفلاسفة، لتعرف كيف كانوا يُفسِّرون السعادة.
مؤلف كتاب في السعادة.. رحلة فلسفية
فريدريك لونوار: عالم اجتماع، ومُحاضر، وكاتب فرنسي، وُلد في يوليو 1962 في مدغشقر، ويعمل منذ عام 1991 كباحث في جامعة الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية التي حاز منها شهادة الدكتوراه.
من أعماله: “روح العالم”، و”وعد الملاك”، و”قوة الفرح”.
معلومات عن المترجم:
خلدون النبواني:كاتب ومُفكر وفيلسوف سوري، حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في الفلسفة الأوروبية المعاصرة من جامعة السوربون، وُلد في سوريا عام 1975، وله العديد من المؤلفات بالعربية والفرنسية.
من ترجماته: “سر الصبر”، و”الفلسفة في زمن الإرهاب: حوارات مع يورغن هابرماس وجاك دريدا”.