دين سدوم
جاءت نظرية “الجندر” للإشارة إلى “الجنس الاجتماعي” للشخص، كبديل عن “الجنس البيولوجي”، وهو المصطلح الذي اعتمدت عليه “الحركة النسوية” لمحاربة سلطة الرجل، فالجندرية أتاحت لهم نقد الهوية الاجتماعية، باعتبار أن الجنس ظاهرة اجتماعية لا تعتمد على الطبيعة، بل على التربية، فالرجل رجل بفعل “التربية” وليس بفعل “الطبيعة البيولوجية”، ونفس الأمر بالنسبة للمرأة، وبالتالي أصبح الإنسان مستقلًّا في تحديد جنسه وميله الجنسي انطلاقًا من اختياره الحر، بل ويمكنه الانتقال بهدوء من نوع إلى آخر، بهدف تغريب الإنسان عن نفسه، وبناءً على ذلك أصبحت المثلية الجنسية بالنسبة لهم هي النموذج الطبيعي البديل للحياة، وأصبح يتم الدفاع عنها تحت شعار حماية حقوق الإنسان، ولم يعد ينظر إليها على أنها مرض أو انحراف سلوكي، ولتشويه سمعة الذين يعادون المثلية الجنسية، تم ابتكار مصطلح “رُهاب المثلية الجنسية” لوصم كل من يعادي المثلية بأنه مريض يُعاني مخاوف غير منطقية، فأضفيت الشرعية على السدومية!
وتلعب المنظمات الدولية كالأمم المتحدة واليونسكو دورًا خاصًّا في نشر أفكار “عقيدة العصر الجديد” متبنِّين الفلسفة الغنوصية، مستخدمين السلاح الغنوصي الشهير وهو مبدأ “التسامح غير الأخلاقي”، وهو مبدأ شيطاني يهدف إلى استبدال المعاني والمفاهيم من أجل جذب أكبر عدد ممكن من الأشخاص لا يستطيعون التمييز بين الحق والباطل، ففي عام 1995 أدرجت الأمم المتحدة انتهاك حقوق المثليين في قائمة انتهاكات حقوق الإنسان الأساسية، وذلك انطلاقًا من رفض أي حقيقة مطلقة وإرساء مبدأ التسامح، ومع ذلك فإن هذه التعدُّدية غير الدينية والتسامح غير الأخلاقي ليسا سوى أداة في يد المستنيرين، يستخدمونها للقضاء على الدين الإلهي، ويستخدمونهما في تدمير وتفجير “مؤسسة الزواج” من الداخل، عن طريق شرعنة الزواج من نفس الجنس، ما يعني تغيير بنية الأسرة، واختفاء الزوج والزوجة، وتشريع الحق في التبني لتغيير طبيعة القرابة، ما يُلغي العلاقات مع الوالدين البيولوجيين ويبقى الأطفال دون جذور!
الفكرة من كتاب ديكتاتورية المستنيرين.. روح الإنسانوية العابرة وأهدافها
نشهد اليوم ثورة عالمية في المجال الثقافي تهدف إلى تغيير جوهر الإنسان ذاته، تحت شعار الإنسانية والتنوير والعقلانية، فالأقنعة واللافتات الفكرية التي يُروَّج لها كثيرة، لكن الجوهر واحد، إذ تقوم على أسسٍ دُنيوية صِرفة، ومحاربة الإيمان بالله، ومحاولة إلغاء سلطة الله واضعة مكانها القوَّة العالمية العُليا للإنسان الممثلة في أنتيخريستوس (المسيح الدجال)، وما المادية والإلحاد إلا حلقة وسيطة بين الإيمان بالله وأشكال إيمانية غيبية جديدة، والسحر والشعوذة المتصل بفساد كبير وانحلال أخلاقي، وقد تم تسخير كل شيء من عِلم وتكنولوجيا من أجل تغيير بناء الإنسان الروحي جذريًّا، ورفض الإنسان ذاته والقضاء عليه، برفع راية الإنسانوية العابرة حيث الإنسان الخارق (السوبر مان)، خارق الذكاء، الخالي من الأمراض، دائم الحيوية والشباب، الذي لا يجري عليه الموت أو الفناء!
مؤلف كتاب ديكتاتورية المستنيرين.. روح الإنسانوية العابرة وأهدافها
تشيتفيريكوفا أولغا نيكولايفنا: هي مؤرخة روسية، وباحثة دينية، تخرجت عام 1983 في معهد العلاقات الدولية بموسكو، وتعمل أستاذة مشاركة في قسم التاريخ والسياسة في أوروبا وأمريكا، كما أنها متخصِّصة في التاريخ الاجتماعي والسياسي لأمريكا اللاتينية، ومن مؤلفاتها:
خيانة في الفاتيكان.
عن السر.
الإنسانوية العابرة في التعليم الروسي.. أطفالنا بمثابة سلع.
ثقافة ودين الغرب.
تدمير المستقبل.
ذئاب ضارية.. من يقف وراء الفاتيكان.
معلومات عن المترجم:
الدكتور باسم الزعبي: وهو مترجم أردني، تخرج في جامعة روستوف السوفييتية بدرجة الماجستير عام في الأدب تخصُّص صحافة 1982، كما حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة من معهد الفلسفة التابع لأكاديمية العلوم السوفييتية عام 1990، كما حصل على شهادة الماجستير في الإدارة والدراسات الاستراتيجية من كلية الدفاع الوطني الملكية الأردنية عام 2010، ومن مؤلفاته:
قيم الحياة عند أبي حيان التوحيدي.
الصحافة الشيوعية في الأردن وفلسطين.
دم الكاتب.
الموت والزيتون.
تقاسيم المدن المتبعة.
الحصان العربي.