دين الوقاية
دين الوقاية
لقد أسَّس الإسلام منذ أربعة عشر قرنًا لفكرة تحفظ على البشرية صحتها وتقيها من الإصابة بالأمراض إن هي التزمتها وعملت بها، ألا وهي فكرة الوقاية التي يدعو إليها أطباء العالم اليوم بعدما لم يعد باستطاعتهم السيطرة على الأمراض المختلفة والمتجدِّدة والمتأصِّلة في التاريخ الإنساني.
لقد دعا الإسلام إلى التطهير الجسدي تمامًا كما دعا إلى التطهير المعنوي، فأمر بالنظافة من كل جوانبها ابتداءً بنظافة الفم وانتهاء بنظافة البدن كله، فقد عرف العرب السواك واستعملوه قبل أن يفكر الغرب في إبهارنا بفرش الأسنان الكهربائية! وأمر النبي الكريم بالتطهُّر من البول والغائط وغسل اليدين بالماء بعد قضاء الحاجة قبل أن تعرف أوروبا المناديل الورقية، ويبدو أنها إلى الآن لا تزال متردِّدة في شأن استعمال الماء في الحمامات!
لقد حافظ الإسلام على صحة المسلمين حين دعاهم إلى النظافة وأمرهم بالوضوء والاغتسال وقص الأظافر وتخليل الفم من بقايا الطعام والتسوُّك والتطهُّر من النجاسة، بل وأبعد من ذلك حين حرَّم عليهم المسكرات كشرب الخمر، وأغلق دونهم المنافذ المؤدية إلى الزنا والعلاقات المحرَّمة، وأمر النساء بالحجاب والرجال بالغض من البصر، وحفظ المسلمون هذه التعاليم وأدَّوها عبادةً لله قبل أن يعرفوا الحكمة منها والمآل وقبل أن تصدِّق الأبحاث على تعاليم دينهم وتشهد له، فقد حفظهم الإسلام من الإيدز والهربس والسمنة والملاريا والكوليرا ومن الانتحار والاعتداء والاغتصاب الجنسي بسبب المسكرات، وما إحصائيات الغرب اليوم إلا دليل على ما أصله الإسلام في الحفاظ على العقل والروح والجسد، فالحضارة المادية الباهرة ليست وحدها مقياسًا وحكمًا على الشعوب، ولكن أين الحضارة الإنسانية وأين الإنسان اليوم من الغرب!
قديمًا انبهر الغرب بالخمسة آلاف حمام في شرق بغداد، والمئة ألف وسبعين حمامًا في القاهرة، وقرَّروا تقليدها ونقلها إلى بلادهم التي كانت غارقة في ظلماتها الحسية والمعنوية، واليوم ننبهر نحن بعمرانهم ومطاراتهم وأسواقهم! شتان بين الاحتياجات!
الفكرة من كتاب هكذا كانوا يوم كنا
يوصلنا الجهل أحيانًا إلى أن نعظِّم ما هو حقير، وأن نحقر ما هو عظيم، إلى أن نستهين بالحق ونعلي من الباطل، وإلى أن نطلق أحكامًا في الهواء لا أساس لها ولا برهان، فالعلم يضبط الموازين ويريك الصور على حقيقتها ويربط الأسباب بالنتائج والماضي بالحديث، ويريك التدرُّج التاريخي، ويطلعك على السنن الإلهية لتعرف أين كانوا وأين كنا!
مؤلف كتاب هكذا كانوا يوم كنا
حسان شمسي باشا: طبيب سوري من مواليد حمص عام 1951م، وكان من الخمسة الأوائل في كلية الطب، حصل على شهادة الدراسات العليا في الأمراض الباطنية من جامعة دمشق عام 1978، كما نال درجة الشرف الأولى في الرسالة التي أعدَّها بعنوان “اعتلال العضلة القلبية”.
سافر بعدها إلى بريطانيا للتخصُّص حيث مكث في لندن ومانشستر وبرستون زهاء عشر سنوات، تخصَّص خلالها بأمراض القلب، وعمل زميلًا باحثًا في أمراض القلب في مشافي جامعة مانشستر لمدة ثلاث سنوات، ثم ذهب إلى المملكة العربية السعودية عام 1988 ليعمل استشاريًّا لأمراض القلب في مستشفى الملك فهد للقوات المسلحة بجدة، ومن مؤلفاته:
الأسودان: التمر والماء.
قلبك بين الصحة والمرض.
الوقاية من أمراض شرايين القلب التاجية.