دين الجماعة
دين الجماعة
كيف يصطف المصلون؟ يصطفون كما تصطف الملائكة عند ربها فيتمُّون ويتراصون في الصفوف، لا يصلون فرادى ولا يصلي كل واحد بما يتراءى له أو في أي مكان يهواه من المصلى في زاوية مثلًا من المسجد أو في منتصفه أو في آخره، فللوحدة قدرها في الدين وللجماعة فضلها ومكانتها، بدليل أن صلاة الرجل في جماعة تعلو على صلاته في بيته بسبع وعشرين درجة، بل ويصل غضب النبي ﷺ على تارك الجماعة بأن يحرق عليه منزله!
مشهد آخر من مشاهد الجماعة الحاضرة في شريعة الإسلام والمتجدد أسبوعيًّا بصورة بهيَّة حتى إنه لعيد يتأهب له المسلمون من ليلته بالصلاة على النبي ﷺ حتى إذا جاء الصباح اغتسلوا وتطيَّبوا ولبسوا الأبيض من ثيابهم اتباعًا للسنَّة، فإذا جاء وقتها قصدوا المسجد منصتين لخطبتها ساكنين خاشعين تشاركهم الملائكة في ذلك وتنصت معهم بعد أن تفرغ من تسجيلهم في سجلات الحاضرين! فضلٌ جزيل وأجر عظيم يتجدَّد أسبوعيًّا في خير يوم طلعت عليه الشمس، في اليوم ذي الساعة التي لا يُرد دعاؤها، في يوم الجمعة.
كل تلك المشاهد وأكثر يحتويها مكان واحد وهو المسجد، فإنَّ مجرد الحضور والتعلق بالمساجد يخوِّل للعبد أن يكون ضمن قائمة السبعة الذين يظلُّهم الله بظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه! هل من محلٍّ آخر سواه تحفُّ الملائكة ساكنيه وتغشاهم الرحمة ويذكرهم الله في من عنده! بل هل من محل آخر سواه يبشر السائرين إليه في جوف الليل بالنور التام يوم القيامة! فما بال صفوف المسلمين اليوم تعد على أصابع اليد!
الفكرة من كتاب قناديل الصلاة
“إنما فرض الله الصلاة عمرًا، لا حركة ولا سكنة إلا صلاة!”.. بلغة أدبية رفيعة، وتعبيرات جمالية مدهشة يتجول بنا الكاتب في روضة الصلاة من الوضوء ابتداءً وحتى السلام منها انتهاءً، بصحبة الأولين والآخرين والملائكة أيضًا، مُذكرًا ومضيئًا لقنديل فريضة انطفأ وبهت وَهَجُ نورها في قلوب الكثيرين.
مؤلف كتاب قناديل الصلاة
فريد الأنصاري: عالم دين وأديب مغربي، حصل على الدكتوراه في الدراسات الإسلامية تخصُّص أصول الفقه، وعمل رئيسًا لقسم الدراسات الإسلامية بكلية الآداب في جامعة مولاي إسماعيل بمكناس في المغرب، وأستاذًا لأصول الفقه ومقاصد الشريعة بالجامعة نفسها، وشغل أيضًا منصب عضو المجلس العلمي الأعلى بالمغرب.
من مؤلفاته: “سيماء المرأة في الإسلام بين النفس والصورة”، و”ميثاق العهد في مسالك التعرف إلى الله”، و”التوحيد والوساطة في التربية الدعوية”، كما أن له أعمالًا أدبية منها: “آخر الفرسان” و”كشف المحجوب” وديوان “القصائد”.