ديكاتورٌ همجي.. لكن مع فلسفةٍ وخواطر
ديكاتورٌ همجي.. لكن مع فلسفةٍ وخواطر
يرى موسوليني أنه يمكن أن تكون هناك سيادة دون وجود إمبراطورية، بل إن الإمبراطورية قد تفقد قوتها المنظمة كلما اتسعت وهذا ما نراه في تاريخ الإمبراطوريات، بينما السيادة أكثر ثباتًا، فنحن نشهد الآن سيادة الدولار، وقبل ذلك كنا نشهد السيادة الدينية، ولعلَّه قد صدق في ما قال حيث عصر السيادة الأمريكية للعالم دون الحاجة إلى احتلال الأرض كما فعلت الإمبراطوريات السابقة كإنجلترا وفرنسا وغيرهما.
ويقول الصحفي “إميل لودفيج” لبنيتو موسوليني إنه قال في لقاء له مع ملك مصر فؤاد إن الملوك يجب أن يحظوا بحب شعوبهم بينما يجب على الدكتاتوريين أن يبعثوا بالخوف في نفوسهم، ليرد موسوليني أنه كم يود أن يكون ديكتاتورًا، فرد “لودفيج” حول إمكانية وجود غاصب أحبه شعبه في التاريخ، ليرد الأخير: “دون شك إذا كانت هذه الشعوب تخشاه في الوقت نفسه”.
اقتطف المؤلف أجزاء من مذكرات موسوليني كجندي في أجواء الحرب العظمى، حيث وثَّق وجوده وسط كتيبته في ميدان القتال في منطقة مكشوفة تتعرَّض للصفير المعهود للطلقات، والمدفعية التي لا تتوقَّف ضرباتها تجاه الجنود، والقنابل التي تهشم شظاياها الأطراف، وتلك القنبلة النمساوية الضخمة التي تسببت في محو فرقة كاملة من اللواء الثامن من الوجود، ثم يتذكر الأيام التي كانت تمر دون تناول أي طعام، وكلماته التي وثَّقت اعتراضه على عبارة “الحرب التي ستنهي كل الحروب” والتي قيلت عن الحرب العالمية الأولى، إذ رأى أنها لن تكون الأخيرة، ولعله صدق في هذا.
الفكرة من كتاب خواطر زعيم
في عام 1931 كانت الأمور مستقرَّة لمؤسس الحركة الفاشية الإيطالية وأحد زعمائها، ألدوتشي بنيتو موسوليني، والذي أصبح الحاكم الوحيد لإيطاليا رغم وجود الملك، كل الأحزاب الأخرى أُلغيت ولم يكن بإيطاليا سوى توجُّه واحد وطاعة واحدة تكون للحزب الفاشستي كالنازية الألمانية، وهنا يأتي دور الإعلام خصوصًا مع تاريخ هذا الديكتاتور الصحافي، وهنا يبدأ بكتابة خواطره.
كان على المؤلف إميل لودفيج أن يعرض بعض خواطر موسوليني، الحوار الصحفي الذي دار بينهما، ويجدر بنا ذكر أن كل هذا قد تم في عام 1931م حين كانت الفاشية في قمتها وتساندها النازية الألمانية، وهنا يأتي دور الإعلام الذي ميز كلا المذهبين في ذلك الوقت قبل أن ينقلب عليهما.
مؤلف كتاب خواطر زعيم
بنيتو موسوليني، هو حاكم إيطاليا ورئيس وزرائها في الفترة ما بين 1922 و1943، وهو أبرز مؤسسي الحركة الفاشية الإيطالية، عُرِف بتاريخه الصحافي المؤثر وكذلك همجيته منذ طفولته وحتى الكبر، إذ استطاع الوصول إلى الحكم بسبب عدم استطاعة الحكومة الإيطالية السيطرة على أعمال حركته الفاشية “القمصان السود” المسلحة، وكان ديكتاتورًا مستبدًّا سواء للشعب الإيطالي أو الشعوب المستعمرة، وبعد دخول الحرب العالمية الثانية وهزيمة إيطاليا المتحالفة مع ألمانيا النازية، تم إلقاء القبض عليه وإعدامه وتعليق جثته أمام الجماهير الإيطالية.