دولة هايتي ورأسمالية الكوارث
دولة هايتي ورأسمالية الكوارث
إن الرأسمالية تنمو وتزدهر أينما توجد الصراعات والكوارث، وذلك بسبب ما ينتج عن الحروب والكوارث من هدم وتفكيك بنية الدولة، وهو ما يجعل موارد هذه الدولة عرضة للاستغلال من قبل الشركات الخارجية التي تمتلك النفوذ والمال.
ودولة هايتي من الأمثلة البارزة على ذلك، فقد تعرضت دولة هايتي لزلزال ضرب أنحاء البلاد، تُوفي على إثره عشرات الآلاف من أبناء الشعب الهايتي، وشرد أكثر من مليون شخص.
وعقب حدوث الزلزال بدأت المساعدات الخارجية تنهال على الدولة من كل مكان، بدعوى مساعدة الدولة على النهوض بعد ما أصابتها الكارثة، لكن هذه المساعدات بدلًا من أن تنفق على تحسين الخدمات العامة المقدمة لأبناء الشعب، ذهب معظمها إلى أيدي أصحاب النفوذ في الدولة، والشركات الخاصة.
ولقد حرص أصحاب الشركات وحكومات دول العالم الكبرى على عدم تمكين السكان المحليين لدولة هايتي اقتصاديًّا، كي تستمر الدولة في الاعتماد على المساعدات الخارجية، كما استغل كثير من السياسيين ومسؤولي الحكومة الوضعَ الحالي للدولة، لاتخاذ إجراءات تحقق مصالحهم الشخصية.
ويلعب السياسيون ورجال الدولة دورًا بارزًا في آلية عمل رأسمالية الكوارث، لأن رجال الدولة هم المسؤولون عن إرسال التقارير التي تتعلق بالمساعدات الخارجية، ولكي تستمر المساعدات الخارجية في المجيء، لا بد أن يدَّعوا أن هذه المساعدات قد أُنفقت بشكل ملائم لتحقيق مصالح الشعب، وأن أمور الدولة أصبحت في أفضل أحوالها، وهو ما يخالف الحقيقة.
إذ يذهب الجزء الأكبر من هذه المساعدات -كما عرفنا- إلى أيدي أصحاب النفوذ والشركات المتحكمة في سياسة الدولة، ولا ينفَق على تحسين الخدمات العامة المقدمة إلى أبناء الشعب سوى القليل منها، كي يظل أفراد الشعب في حالة احتياج وفقرٍ وأمية.
الفكرة من كتاب رأسمالية الكوارث: كيف تجني الحكومات والشركات العالمية أرباحًا طائلة من ويلات الحروب ومصائب البشرية
إن التأثير المدمر للرأسمالية في الحياة والبيئة والمجتمع، قد بلغ ذروته في الأيام التي نعيش فيها، فعدم المساواة في الدخول، وتحكم الشركات في سياسات الدول، وانتشار ثقافة السعي وراء المادة والربح، دون الالتزام بالمعايير الأخلاقية، جميعها آثار للنظام الرأسمالي الذي نعيش فيه
وتمثل الحروب والكوارث التي تحدث في دول العالم، إحدى الأسواق الخصبة لعمل الرأسماليين، إذ تعمل الشركات الأجنبية وحكومات دول العالم الكبرى على استغلال الكوارث والحروب التي تحدث في أنحاء العالم، لجني الأرباح عن طريق استغلال موارد هذه الدول، ثم العمل على إطالة أمد الصراعات فيها، كي تظل مصدرًا لجني الأرباح.
يحتوي هذا الكتاب على قصص لمجموعة من الدول، عانت شعوبها من الآثار المدمرة للرأسمالية، لكنها لم تكن مرئية بما يكفي كي تتحدث عنها وسائل الإعلام الغربية.
مؤلف كتاب رأسمالية الكوارث: كيف تجني الحكومات والشركات العالمية أرباحًا طائلة من ويلات الحروب ومصائب البشرية
أنتوني لوينشتاين: صحفي أسترالي مستقل، ومنتج أفلام وثائقية، يعمل في صحيفة الجارديان البريطانية، كما كتب عديدًا من التحقيقات والتقارير والمقالات لهيئة الإذاعة البريطانية BBC، وصحيفة The Nation، وقناة الجزيرة الفضائية، وصحيفة واشنطن بوست الأمريكية، وله فيلم وثائقي حول كوارث الرأسمالية بعنوان Disaster Capitalism.
وله عدة مؤلفات أخرى غير هذا الكتاب، من أبرزها:
The Blogging Revolution.
Loving This Planet: Leading Thinkers Talk About How to Make A Better World.
معلومات عن المترجم:
أحمد عبد الحميد: حاصل على ليسانس الآداب، قسم الصحافة، من جامعة القاهرة، وعضو في منظمة الصحفيين العالمية، عمل محررًا ومترجمًا لدى وكالة الشرق الأوسط المصرية، ووكالة أنباء رويترز، وعدد من الصحف الأخرى.
ترجم عديدًا من الكتب، أبرزها كتاب “الشرق الأوسط المعاصر: محاولة للفهم”.