دور المرأة الجديد
دور المرأة الجديد
كانت الأسرة هي المرحلة التالية لتنظيم الجيش والإسكان والمدرسة، فالأسرة هي منزل الانضباط الذي يستطيع مع الممارسات الأخرى التي ذكرناها، أن يُنتج العقلية المناسبة للمصريين لبناء النظام الاجتماعي المُبتغى، وفي هذا انبرى قاسم أمين، مستجيبًا لكتابات أوروبية مفادها أن النمو المتخلِّف للأمة يناظر النمو المتخلِّف للمرأة المصرية، وقد عبَّر اللورد كرومر عن هذا جليًّا حين قال: “إن وضع النساء في مصر هو عقبة قاتلة أمام بلوغ ذلك السمو في الفكر والأخلاق الذي لا بدَّ أن يصاحب إدخال الحضارة الأوروبية”.
وقد رأى قاسم أمين أن الحل الأمثل لبثِّ الأخلاق والقيم المراد غرسها في المصريين ليس في بناء جامعة قومية في مصر لتُنتج نخبة متعلمة، وإنما في تكوين أمومة مصرية متعلِّمة؛ وجادَل أمين أن عملية خلق نظام حديث لا بدَّ أن تبدأ على حجر الأم، ذلك أن من يملكون السلطة داخل البيت المصري النساء وليس الرجال.
الفكرة من كتاب استعمار مصر
يرى الكاتب أن الدولة الحديثة التي نشأت في مصر على يد محمد علي باشا -وبمعاونة أوروبية (إنجليزية وفرنسية)- إنما نشأت على شكل سجن بانوبتيكوني بالأساس، وسجن البانوبتيكون هذا هو نموذج رسمه الفيلسوف القانوني الإنجليزي جيرمي بنتام؛ وهو عبارة عن “زنازين ذات شبابيك واسعة على شكل حلقة دائرية يتوسَّطها برج مراقبة” تتيح هذه الزنازين للحارس القابع في برج المراقبة أن يرى النزلاء، ولا يمكن للسجين أن يرى الحارس، ومن ثم ومع مرور الوقت يستبطن السجين نظرة الحارس ويشعر دائمًا أنه مراقب، وأن ثمة من يترصَّده.
وعلى هذا يتفق ميتشل مع الفيلسوف الفرنسي فوكو في أن الدولة الحديثة قد بنيت على شكل سجن بانوبتيكوني ضخم، بحيث يصبح الشعب سجين الدولة، والدولة هي الحارس القابع في البرج، ويستلزم بناء هذا السجن عملية تنظيم وتنشئة وتربية اجتماعية واسعة النطاق؛ تعمد إلى تغيير سلوك الشعب ونمط حياته بما يتفق وبناء الدولة الحديثة، وهكذا يتناول هذا الكتاب عملية الهندسة الاجتماعية التي صاحبت بناء الدولة الحديثة التي فتحت الطريق أمام الاستعمار الإنجليزي؛ فإن هذه العملية قد تمت أساسًا بأعين وأيدٍ أوروبية ومباركة باشاوية.
مؤلف كتاب استعمار مصر
تيموثى ميتشل Timothy Mitchell: عالم سياسة بريطاني، وأستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة كولومبيا، وأستاذ سابق للعلوم السياسية في جامعة نيويورك.
له مؤلفات عديدة منها: “الديمقراطية والدولة في العالم العربي”، و”دراستان حول التراث والحداثة”، و”ديمقراطية الكربون: السلطة السياسية في عصر النفط”.