دور المثقفين
دور المثقفين
يقول الكاتب بول نيزان حول رأيه عن معياره في المفكر المُثقَّف أنه “المُفكِّر الذي لا يُطابق بين فكره وبين العمل التحرُّري، يجعل صداقته المُعلنة للبشر عقيمة”، كما أشار إلى مبدأ المثقف الملتزم عن جان بول سارتر في مقدمة طويلة كتبها لأحد مؤلفات نيزان “عدن العربية” باعتبارهم “طيفًا متنوعًا من البشر الذين اكتسبوا بعض الشهرة من خلال أعمال تتصل بالذكاء، في الرياضيات، والعلوم التطبيقية، والطب، والأدب”، كما صور سارتر أن الخارجين عن هذا المعيار بفائدة للمجتمع هم مثقفون غير ملتزمين ومُستغلُّون فقط لمساحة شهرتهم بهذه العلوم لمصالحهم الشخصية وعلو مكانتهم، كما أنه حديثًا أصبح معرفة موقف كل شخص تجاه قضية ما معروفًا ومُعلنًا عنه بسبب التكنولوجيا والإعلام، فازدياد انعدام الحقوق الإنسانية وانتشار الظلم وعدم المساواة أصبح على كلِّ مثقف وعالم ومفكر أن يتخذ موقفًا دفاعيًّا مُعلنًا عنه والقيام بالتزاماته تجاه مجتمعه ودولته حتى في دفع ضرائب عمله بدلًا من التهرُّب منها والسفر خارج البلاد، فأصبحت مبادرة المثقف لدفاعه عن قضية غير معلومة الهدف والنية من ورائها هل حقًّا يُدافع ويسعى لإعطاء كل ذي حقٍّ حقه أم فقط لتحسين صورته الشخصية وزيادة شهرته في المجتمع؟ فنواياهم ليست واضحة لأن استخدام طرق دفاعه قد تتطرَّق إلى الكذب؟ دون الانتباه لمعيار الحقيقة والصدق الذى نادى به الكاتب بندا ولا حتى الالتزام كما أشار إليه سارتر ونيزان، كما أن معيار الشجاعة قد انعدم بين فئة المثقفين للإعلان عن رأيهم في قضية ما بإنصاف ووضوح، فلم يعد أحد يخاطر كما فعل زولا في كتاباته وهوغو الذي تعرض للنفي، فأغلب المثقفين حين ابتعدوا عن مصالحهم الشخصية وتبنَّوا موقفًا سياسيًّا حقيقيًّا ودافعوا عن القضية بحقيقة والتزام حازوا مكانة عظيمة مثل فولتير ولامارتين وهوغو وغيرهم، ولم ينحرفوا عن نزاهتهم الفكرية بل شاركوا بآرائهم في الحرب والسياسة والبطالة والاستعمار، وهذا واجب على كل مثقف حقيقي ملتزم.
الفكرة من كتاب المثقفون المزيفون ..النصر الإعلامي لخبراء الكذب
مُلخَّص كتاب “المثقفون المزيفون (النصر الإعلامي لخبراء الكذب)” من أخضر دوت كوم، لمؤلفه بسكال بونيفاس، ترجمة روز مخلوف.
هل الغاية تُبرِّر الوسيلة؟ هذا السؤال الشائك الذي نستدعيه أثناء تبريرنا لكل فعل في الغالب ما يكون خطأ أو بشكل غير أخلاقي، وفي عصر التكنولوجيا الحديثة كان أكثر منفذ للمعلومات ونشر الفكر والأخلاق هو الإعلام من برامج تلفزيونية أو مواقع التواصل الاجتماعي، ونشأ عنها مسمى جديد ووظيفة لعدة أشخاص يعرفون بأنهم خبراء أو استراتيجيون والفئة العليا هي المثقفون، مما جعلهم الأشخاص الأكثر ثقة وأيضًا الأخطر على الإطلاق، فالثقة هنا أننا نستمع إليهم بإنصات ونأخذ منهم دون تشكيك، والخطير أنهم قد يستخدمون وسائل مزيفة أو يكذبون ليخدموا فئة معينة ضد أخرى دون أي نزاهة أخلاقية أو ضوابط فقط لمصالحهم والحصول على مكانة معينة قد تكون اجتماعية أو سياسية أو مادية وغيرها، أما المثقفون فهم الفئة الأرقى التي تخدم المجتمع ومصالح أفراده بالدفاع عنهم، وهذا الكتاب يدور حول ماهية المثقفين والخبراء وكيف وصلوا من مرحلة إظهار الحق إلى الزيف الظاهري لمصالحهم
مؤلف كتاب المثقفون المزيفون ..النصر الإعلامي لخبراء الكذب
بسكال بونيفاس: هو أحد أبرز المحللين الاستراتيجيين الفرنسيين، وهو حاصل على دكتوراه في القانون الدولي العام، وهو مؤسس ومدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية، وحاصل على عدة جوائز منها (وسام جوقة الشرف من رتبة فارس)، ومن كتبه: “فهم العالم”، و”لماذا كل هذه الكراهية؟”، وكتاب “من يجرؤ على نقد إسرائيل؟”، و”فرنسا ضد الإمبراطورية”، و”حروب المستقبل”، و”دروس 11 سبتمبر”، و”هل لا تزال فرنسا قوة عظمى؟”.
معلومات عن المُترجمة:
روز مخلوف: مترجمة من سوريا اللاذقية، خريجة الأدب الفرنسي من جامعة دمشق، وترجمت عدة كتب مهمة لكُتاب عديدة مثل ميلان كونديرا وأنطون تشيخوف وبسكال بونيفاس منها: “الخلود”، و”الراهبة”، و”فالس الوداع”، و”بيريرا يدعي”.