دور الغزالي وأثره في تغيير مفهوم التصوف
دور الغزالي وأثره في تغيير مفهوم التصوف
كان التصوف في أوله عند عامة الصحابة والسلف بمثابة عكوف على العبادة، والإعراض عن زينة الدنيا، والانقطاع إلى الله، ولما كان إقبال الناس على الدنيا في القرن الثاني، أخذت العلوم تأخذ أبعادها وتخصُّصاتها وكان الفقه يشمل كل ما يندرج تحت مسمى “التصوف”، بعدها اقتصر مفهومه على فقه العبادات والمعاملات فقط.
أما الأخلاق والسير والسلوك فقد استُبعِدت منه واندرجت تحت اسم وعنوان “التصوف”، وقد عرَّفه الغزالي عن حال ومعايشة بعد تلك الفترة التي قضاها في عزلة، واستطاع أن يتغلَّب على أمراض النفس وتطهيرها من التعلق بالدنيا حتى وصل إلى تخلية القلب عن غير الله، وابتدأ في تلك الفترة بقراءة وتحصيل كتب من سبقوه في التصوف مثل “قوت القلوب” لأبي طالب المكي، والمتفرقات المأثورة عن الجنيد وأبي يزيد البسطامي، إذ وقف على مقاصدهم وحصَّل طريقتهم بالسماع والتعلم والمعايشة، وتبيَّن له أن ذلك لا يمكن الوصول إليه بالتعلم فقط، وإنما بذوق الحال وتبدُّل الصفات.
وبدأت جهوده ومؤلفاته فيه فنقله نقلة كبيرة تختلف عن كل ما سبقه وبيَّن الصحيح من الفاسد فيه وكشف عن أخطاء بعض المتصوفة وانحرافاتهم فيه، واضعًا معالم طريق ذلك العلم وقد جعل منه علمًا أخلاقيًّا عمليًّا يعالج أمراض القلوب وصفات النفوس ويقوِّمها ويزكي مكارم الأخلاق مصححًا مفهومها ومفهوم الزهد جاعلًا منه تصوفًا سنويًّا، متمثلًا هذا في كتابه “إحياء علوم الدين” وغيره من كتبه، وقد أفلح في النهوض به وتقويمه ووضع مقاييسه وتمهيد طريقه للسالكين، ولا يمكن الوقوف على ما قدمه الغزالي ورؤية آثاره بوضوح إلا بمقارنة ما كان عليه التصوف قبله وبعده.
الفكرة من كتاب الإمام الغزالي وجهوده في التجديد والإصلاح
أبو حامد الغزالي علوم اجتمعت في عالم، وأشخاص اجتمعت في شخص واحد، اختلف حوله القدماء والمحدثون، بين ناقد ومادح، ومؤيد ومعارض.. لقي عناية كبيرة من الإسلاميين وغيرهم من الغربيين والمستشرقين.
يضم هذا الكتاب بين دفتيه ترجمة وسيرة حياة حجَّة الإسلام أبي حامد الغزالي ومنهجه في الإصلاح والتجديد وجهوده التي قام بها في خدمة الدين والعلم، وأبرز محطات حياته والتغيرات الفارقة فيها، يُعرف الكتاب بنسبه ومولده وظروف نشأته ورحلته التي قضاها في طلب العلم واجتهاده فيه، مرورًا بالتحولات والأحداث التي غيرت مجرى حياته حتى ذاع صيته وشهرته، ثم عُزلته وبداية اشتغاله بالتصوُّف وجهوده في الإصلاح.
مؤلف كتاب الإمام الغزالي وجهوده في التجديد والإصلاح
علي محمد محمد الصلابي: كاتب ومؤرخ من مواليد 1963 بنغازي ليبيا، تخرج في كلية أصول الدين والدعوة بالمدينة المنورة، ونال الماجستير في التفسير وعلومه من جامعة أم درمان، ثم نال الدكتوراه في الدراسات الإسلامية برسالته في فقه التمكين في القرآن عام 1999، والتي طبعت في كتاب بعد ذلك.
له العديد من المؤلفات في التاريخ والسير، منها: الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط – صفحات مشرقة من التاريخ الإسلامي – موسوعة الحروب الصليبية، والعديد من الكتب في سِيَر الخلفاء والقادة.