دور الصحافة في حل الأزمة
دور الصحافة في حل الأزمة
ضرب الانهيار الكبير بنوك أمريكا بقسوة، مما كان سببًا في إفلاس العديد منها، حيث توقفت الديون الأمريكية بالخارج، ولم تستطع الدول الأخرى الوفاء بالتزاماتها، ولكن الأهم هو أن معاناة البنوك كان سببها أن عملاءها عانوا ولم يقدروا على سداد ديونهم أو إجراء إيداعات جديدة، وبذلك فقد البنك المصدر الرئيسي لتمويله، ومع نضوب مصدر تمويل البنوك، لم تستطع السداد لدائنيها، ومن ثم تزايدت وتيرة إغلاق البنوك.
وتعقيبًا على الأحداث يرى المؤلف أن ما قام به الرئيس هربرت هوفر في مواجهته للأزمة لم يكن “عدم اتخاذ قرار” إلا أنه في الوقت نفسه لم يتخذ إجراءات كافية أيضًا، فهو يدين بسمعته التي اكتسبها إلى موهبته على التنظيم واستغلال البيروقراطية، إضافة إلى استغلال الصحافة، حيث ينسب إليه قوله “إن العالم يعيش على ما يكتب في الصحافة”، لذا عمد إلى سياسة التصريحات المسكنة لطمأنة الأفراد، إذ اعتبر أن أي شك في المستقبل الاقتصادي أو القوة الأساسية للأعمال في الولايات المتحدة هو حمق، لأن القدرة الوطنية على العمل الجاد والتعاون الذكي ضمانة كافية للمستقبل.
وعلى صعيد آخر لم يضع مسئولو نظام الاحتياطي الفيدرالي، قواعد واضحة للتدخل وقت الأزمات، فالبعض رأى ضرورة أن يتحرك الاحتياطي الفيدرالي بسرعة من أجل استباق الكارثة، في حين رأى آخرون أنه ينبغي الإبقاء على أمواله حتى تشتد الحاجة إليها، إلا أن ميزان الرأي داخل الاحتياطي الفيدرالي كان أميل إلى عدم التدخل، ظنًّا منهم أن الأزمة عابرة وأن الاقتصاد سيعيد توازنه تلقائيًّا، وحتى لو افترضنا أن الاقتصاديين قد اتفقوا على الحاجة إلى التدخل، لوجد مسئولو الاحتياطي الفيدرالي صعوبة في معرفة توقيت استفحال الأزمة إلى الحد الذي يستلزم معه التدخل.
وفي عام 1931، تحول الرئيس هوفر إلى إيقاف الانتشار الدولي للانهيارات الائتمانية، معلنًا السماح للحكومات المدينة بتأجيل سداد ديونها لمدة عام، ووجه عينيه نحو ألمانيا على وجه الخصوص، التي كانت شئونها المالية تنذر بالتدهور، إلا أن الصحف علَّقت على جدوى هذا الأمر بأنه ليس هناك مخاوف من نشوب حرب هنا أو هناك، بل الأمر أشبه بوجود جهاز عصبي واحد فحسب للعالم المتحضر بأكمله، وأي إصابة تلحق بطرف من الأطراف تؤثر في الجسد بأسره.
الفكرة من كتاب الكساد الكبير والصفقة الجديدة
لم تكن الصفقة الجديدة هي التي أنهت الكساد الكبير، بل المصانع التي أنتجت أسلحة الحرب العالمية الثانية هي التي أنهته.
يستعرض الكتاب أحد أهم الأحداث الاقتصادية عبر التاريخ، ألا وهو أزمة الكساد الكبير، وكيفية تعامل الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس فرانكلين روزفلت معها عن طريق حزمة من السياسات عرفت باسم الصفقة الجديدة، كما يلقي الضوء أيضًا على تلك الفترة العصيبة التي كانت بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، وما نتج عنها من تشكُّل النواة الأولى لمشروع تسلم الولايات المتحدة الأمريكية عرش الاقتصاد العالمي.
مؤلف كتاب الكساد الكبير والصفقة الجديدة
إريك راشواي: كاتب، وأستاذ التاريخ بجامعة كاليفورنيا في ديفيس.
كتب العديد من المقالات في مجلة “ذي أمريكان بروسبيكت” وجريدة “ذا فاينانشال تايمز”، وصدر له الكثير من المؤلَّفات منها:
أمة مبارَكة بين الأمم: كيف صنع العالم أمريكا.
الكساد الكبير والصفقة الجديدة.
اغتيال ماكينلي: صناعة أمريكا ثيودور روزفلت.