دور الاعتقادات في العلاقات الدولية
دور الاعتقادات في العلاقات الدولية
وضع “فريد جرينشتاين” أساسًا مهمًّا لتقويم دور القائد، والوقوف على تأثير النزعات الشخصية في تشكيل سلوكه، وذلك بالتمييز بين ضرورة الفاعل وضرورة الفعل، فمثلًا إذا افترضنا أن فاعلًا (جورج بوش الابن) اتخذ قرارًا، هو غزو العراق، فلكي تكون لهذا القرار أهمية تاريخية لا بد أن يكون الفاعل (بوش) شخصًا لا يمكن الاستغناء عنه، ومن ثم يوصف القرار حينئذٍ بأنه نزوعي، وهو ما يعني أنه في حال كان رئيس أمريكا شخصًا آخر غير بوش لما اتُّخِذَ قرار غزو العراق، لكن إذا اتخذ القرار بغض النظر عن الفاعل، فإن الفاعل هنا في حكم المستغنى عنه، ومن ثم يكون القرار حينئذٍ موقفيًّا.
أدى عدم دقة وغموض مفهوم الشخصية إلى تحول كثير من علماء النفس السياسي إلى النظر في اعتقادات الناس وأفكارهم بدلًا من النظر في العوامل الشخصية، لما لها من علاقة مباشرة بقرارات القائد، ففي نظرهم البحث في الاعتقادات يساعدنا على فهم طبيعة الموقف الذي نواجهه، ومن ثم الوقوف على الحلول المناسبة له.
ومن أهم الدراسات في هذا الإطار دراسة “أول هولستي”، إذ حلل اعتقادات “جون فوستر دالاس” وزير خارجية أمريكا الأسبق في عهد أَيْزِنْهَاور، وكان دالاس يمتلك اعتقادات متطرفة تجاه الاتحاد السوفيتي، ومن ثم كان دائم التركيز على مظاهر الشمولية والإلحاد فيها، وكان يصفها بأنها دولة مادية لا مكان للإله فيها، ووفقًا لهولستي، فإن اعتقادات دالاس كانت ثابتة لا تقبل التغيير، وقد أدى ذلك إلى التأثير في إدراكه لنيات الاتحاد السوفيتي، فعندما كان يُظهر السوفيت رغبة في تحسين العلاقات، كان دالاس يفسر ذلك على أنه علامة من علامات ضعفهم، وليس توجهًا نحو السلام، ومن ثم يمكن اعتبار دالاس نموذجًا لما يعرف باسم “الظن السيئ المتأصل”.
الفكرة من كتاب علم النفس السياسي.. أوضاع، وأفراد، وحالات
يجيب المؤلف خلال صفحات الكتاب عن سؤال: لماذا يفعل الناس ما يفعلونه في سلوكهم العام؟ لينتهي إلى أن هناك نمطين أساسيين من المقاربات لفهم السلوك السياسي الإنساني، هما: المقاربة النزوعية التي ترى أن شخصية الفرد واعتقاداته وقيمه لها بالغ الأثر في انتمائه الحزبي وخصائصه الشخصية وقراراته، وحتى سلوكه الانتخابي، والمقاربة الموقفية التي ترى أن البيئة والموقف المحيط بالفرد أكثر أهمية من اعتقاداته وخصائصه الشخصية، وأنها هي التي تشكل سلوكه العام، وفي الأخير يستعرض بعض الظواهر التي خضعت للملاحظة العلمية، مثل الإرهاب وسلوك الناخب كتطبيقات لفهم النزوعية والموقفية.
مؤلف كتاب علم النفس السياسي.. أوضاع، وأفراد، وحالات
ديفيد باتريك هوتون: كاتب وأكاديمي بريطاني الجنسية، يعمل حاليًّا أستاذًا في جامعة وسط فلوريدا في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد عمل في السابق في عدد من الجامعات البريطانية والأمريكية، وهو من المهتمين بمجالات علم النفس السياسي، وصنع القرار في السياسة الدولية، والسياسة الخارجية الأمريكية والعلاقات الإيرانية الأمريكية. من مؤلفاته:
Losing an Empire, Finding a Role: British Foreign Policy Since 1945
A Citizen’s Guide to American Foreign Policy: Tragic Choices and the Limits of Rationality
U.S. Foreign Policy and the Iran Hostage Crisis
معلومات عن المترجمة:
ياسمين حداد: مترجمة أردنية الجنسية، حصلت على درجة الدكتوراه في علم النفس الاجتماعي من جامعة روتشستر في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد عملت في السابق أستاذة ورئيسة لقسم علم النفس بالجامعة الأردنية، وتعمل حاليًّا في جامعة الإمارات العربية المتحدة.