دوافع ومسؤولية

دوافع ومسؤولية
الدوافع والرغبات تعد محركًا لتصرفات الإنسان، وأبناؤنا يحتاجون إلى دافع ليدرسوا بجد. عادةً يرى الآباء أن الحصول على وظيفة جيدة في المستقبل أو مستقبل أفضل دافعٌ كافٍ، لكن الأمر لا يكون كذلك بالنسبة إلى الأطفال، خصوصًا إن كانت حياتهم سهلة ولا يدعهم آباؤهم يتحملون أي مشقة ويطلبون منهم التركيز على الدراسة فقط. أحيانًا يحرك الأطفالَ شغفُ التعلم، لكنه يفتر، لذا على الآباء أن يربوا أبناءهم على أنهم سيستقلون عندما يكبرون، بل ويساعدون في إعالة والديهم، وأن حياتهم مع الأسرة تعني مسؤولية تجاهها وحماية لها، وأن وطنهم بحاجة إلى من يبنيه ويعمِّره.

وغرس المسؤولية يمكن أن يبدأ بمشاركة الطفل في الأعمال المنزلية منذ صغره، لتكون عاداتٍ سهلة وليست أعباءً، ومن يعتَد تنظيم ألعابه في صغره فسينظم غرفته عندما يكبر، ويُراعي الآباءُ أن يؤدوا مهمات تناسب سنهم، فلا يحملون أدواتٍ حادة أو أواني ساخنة في سن صغيرة، ويخبرونهم أنهم يمكنهم فعل ذلك عندما يكبرون فيترقبون ذلك، ويصبر الآباء عليهم إن لم يؤدوا العمل بإتقان ويمنحونهم فرصة للتجربة والتدريب. وينبغي تدريب الأبناء على الاستقلالية في أداء المهمات تدريجيًّا، فلا نخبرهم بالخطوات التفصيلية، ونعطيهم مساحة ليقرروا ولا يتّكلوا، فنقول مثلًا “عليك شراء الحليب قبل الساعة الثالثة”، ونتبع ذلك بالثواب والعقاب.
وربما يصيب الأطفالَ فتورٌ بسبب قلة انضباطهم، وعدم وضوح مهماتهم الدراسية أو ثقلها، أو توتر علاقاتهم مع الناس، أو عدم شعورهم بالتقدم والنجاح، فيكون الحل في ضبط النفس، وإدارة الضغوط النفسية، وعلاقات اجتماعية داعمة، وتجديد أساليب الدراسة، واستعمال أساليب حديثة ممتعة. ويعين الأطفالَ على ضبط النفس تعليمُهم مهاراتٍ مناسبة لسنهم بدءًا من تركيب الرضيع للمكعبات، وصولًا إلى تحضير الطفل لحقيبة المدرسة، وبري أقلامه، والتواصل مع أصدقائه، ونحملهم كذلك بعض المسؤوليات من أعمال منزلية كريّ الزرع وغسل الأطباق، أو ضبط المنبهات وتنبيه الكبار لمواعيد طهو الطعام، أو العمل، أو إدارة جزء من مصروف البيت، أو قراءة الخريطة واللافتات عند الذهاب إلى مكانٍ ما. وينبغي أن نساعد أبناءنا على وضع خططهم الدراسية، واكتشاف أهدافهم في الحياة، ونشجعهم على تجربة ما يحبون ودراسته.
الفكرة من كتاب كيف تجعل أبناءك يحبون الدراسة؟
كثيرًا ما يشتكي الآباء كره أبنائهم للدراسة أو بُطأهم في الاستيعاب وحل الواجبات، لكن الأمر لا يكون وليد اللحظة، بل إن مشكلات الطفل مع الدراسة قد تبدأ منذ مولده أو حتى قبله في أثناء حمل الأم. لوم الطفل الآن لن يجدي، بل ينبغي فهم جذور المشكلة وحلها، والوقاية منها بحسن تنشئة الأبناء قبل دخولهم المدرسة، واتباع أساليب تربوية جيدة يبينها لنا الكتاب، ليس فقط ليحب أبناؤنا الدراسة ويتفوقوا ويتغلبوا على ضغط الامتحانات، بل لينجحوا أيضًا في جوانب مختلفة من حياتهم.
مؤلف كتاب كيف تجعل أبناءك يحبون الدراسة؟
يانج شيا: أستاذة مساعدة بجامعة العلوم الطبية الصينية، تخرجت في قسم علم النفس بجامعة بكين سنة 1986، وهي عضوة في جمعية الصحة النفسية الصينية، وعضوة دائمة في جمعية الطب النفسي للأطفال ببكين، ومديرة مركز تشي دي للاستشارات النفسية ببكين، ومديرة جمعية الاختصاصيين النفسيين ببكين، وعضوة مجلس إدارة جمعية الصحة النفسية ببكين، وتعمل خبيرة نفسية في عدد من البرامج التربوية في قنوات التليفزيون الصينية.
معلومات عن المترجمة:
مي حاتم عاشور: حصلت على ليسانس آداب قسم اللغة الصينية من جامعة القاهرة عام 2008، وشاركت في ترجمة كتاب “قطوف من الحكمة الصينية”.