دوافع المجرمين
دوافع المجرمين
يهدف علم النفس الشرعي ليس فقط إلى الوقوف على أسباب التهمة الحالية وتقييم دوافعها، ولكن لتجنُّب عمليات الإجرام المستقبلية أيضًا، فكل هذه الأفكار تؤثر بشكل كبير في أسباب الجريمة، ويطرح الكاتب تساؤلًا مهمًّا، ألا وهو إلى أي مدى تختلف نفسية المجرم عن الشخص ذي اليد النظيفة؟ أو بعبارة أخرى أشد لهجة… ما الذي يجب أن تفعله لكي تصبح مجرمًا؟
هل أجزاء جسدية معينة، ووزن أثقل وقامة أقصر؟ أم تركيبة دماغية مختلفة كليةً؟ الحقيقة أن دوافع المجرمين قد تكون بيولوجية، فيرى المختصون أن التكوين العصبي للفرد يدفعه إلى أن يصبح مجرمًا، فقد اعتقد البعض أن المجرمين أقل تطورًا من الجنس البشري العادي، بحيث إنهم يشتركون مع الأطفال والبدائيين كدليل على نقصان تطورهم.
حتى إن البعض ذهب إلى أن دوافع المغتصب ترجع إلى غياب التطور الكامل للرجل وعدم قدرته على السيطرة على غرائزه، لكن هذه التحليلات لا تقدم تفسيرًا كافيًا فيما يخص المقومات الشخصية للجاني، وهذا ينقلنا إلى السؤال الأهم؛ ما الذي يجعل البعض يقصدون بعض الصفات المشتركة بين كل البشر ليتعمَّدوا ارتكاب الجرائم، بينما لا يفكر البعض الآخر فيها؟
وفكرة الدوافع معقدة لدرجة أن المنافسة بين المعنيين بهذا الأمر يمكن اختصارها في من الذي يملك فهمًا أكبر لدوافع ارتكاب الجرائم؟ كما توجد العديد من وجهات النظر؛ مثل كون الشخص مصابًا باضطراب عقلي أو مقدار الحياد عن الشخصية المقبولة مجتمعيًّا، كما توجد عدة موانع تحول دون قبول الاضطرابات العقلية كمبرر للأفعال الإجرامية مثل القتل.
ولا بد هنا من الإشارة إلى أن الشخص المصاب بالفصام تزيد احتمالات ممارسته للعنف عن الذي لم يتم تشخيصه، وهناك أيضًا دوافع السكوباتية، والتي تعني غياب المشاكل العقلية لدى الشخص، رغم تمتعه بقدر كافٍ من الذكاء والجاذبية، ومع ذلك تجد عنفهم غير متوقَّع، كما أنهم يجدون صعوبة في التواصل مع الآخرين إلى الحد الذي يدفعهم إلى ارتكاب الجرائم.
الفكرة من كتاب علم النفس الشرعي (مقدمة قصيرة جدًّا)
للجريمة وجود عنيد في المجتمع على مر التاريخ، وهذا الكتاب يسلِّط الضوء على بعض المساحات المعتمة في ساحات الجريمة انطلاقًا من علم النفس الشرعي، بدايةً من الدوافع وانتهاءً بإصلاح هؤلاء المجرمين، كما يتعرَّض لطرق أخذ الاعترافات بسلمية من المتهمين، ولعلَّك تلاحظ أن البعض قد يحصر علم النفس الشرعي في تحديد أوصاف الجناة فقط.
ولكن حقيقة هذا العلم هو أنه العلم المنوط به فهم المبادئ القانونية وإدراك الاعتبارات القضائية؛ من أجل الوقوف على أسباب الجريمة والوصول إلى مرتكبيها، والمؤلف يتناول في هذا الكتاب عدة قضايا مهمة ومنوَّعة، من التحدِّيات التي تقف أمام هذا العلم، إلى نظرة أعمق في فهم نفسية ودوافع المجرمين، كما يتناول الدور الذي يلعبه علم النفس الشرعي في المحكمة.
والذي يشتمل على كثير من المواقف الشائكة، مثل: معايير تحديد إصابة أحدهم بالجنون، أو الوقوف على حقيقة ادعائه، كما أن الكاتب مهتم بتوضيح المصطلحات والمفارقات، وإشكاليات هذا العلم الذي يتقاطع بطبيعة الحال مع عدد من العلوم الأخرى، والكاتب يشير إلى أن علم النفس الشرعي لم يدخل إلى الساحات القضائية مرة واحدة.
وإنما كانوا يلجؤون إليه بغية التصنيف الطبي للجناة وأفعالهم، كما يطرح الكاتب عددًا من الأسئلة والقضايا المحيرة، مثل: هل الممارسات الإجرامية في حالة المرض العقلي هي رد فعل، أم أنها نتيجة مباشرة للمرض؟ على أن الجيد في الأمر أن هذا العلم يجذب إلى أصحاب الكفاءات، كما أن تطوُّره ينعكس على علم النفس المهني بصورة مباشرة.
مؤلف كتاب علم النفس الشرعي (مقدمة قصيرة جدًّا)
ديفيد كانتر : طبيب نفساني، عمل أستاذًا لعلم النفس في جامعة ساري لمدة عشر سنوات، وقد أدار مركز الأبحاث الدولي في هذا المجال في جامعة هيدرسفيلد، والكاتب مهتم بعدة مجالات؛ منها: علم النفس البيئي، والجريمة، والطب الشرعي، وعلم النفس الاستقصائي.
وللكاتب عدد من المؤلفات في علم النفس الشرعي، وكذلك علم نفس المعمار، والذي يختصُّ بدراسة التفاعل بين البشر والمباني، كما أن الكاتب يقدم العديد من الاستشارات بشأن تصميم المدارس والسجون وغيرها من المباني، ومن مؤلفاته: “The Study of Meaning in Architecture” و”Psychology in Action”.
معلومات عن المترجم:
ضياء ورَّاد: تخرَّج في كلية الآداب والتربية عام 2006، عمل بالترجمة والتحرير باللغة الإنجليزية، كما شارك في مؤسسة هنداوي كمترجم أول، ومراجع للعديد من الكتب والمقالات والمدوَّنات المترجمة.
وله عدة أعمال، منها: “خمس دقائق مفيدة في المساء”، و”مأساة من ثلاثة فصول”.