دخول المستشفى
دخول المستشفى
وبالفعل أجرت زوجته سريعًا اتصالًا مع الدكتور جولد ودخل المستشفى التي كانت بمثابة طوق النجاة له، وبذلك عادت إليه حالة الهدوء والأمان والاستقرار التي كان قد نسيها منذ عدة أشهر، ففي حالة ستايرون كان عليه دخول المستشفى لعدم فاعلية الدواء معه، فعند دخوله المستشفى كان اكتئابه أصبح حادًّا بدرجة كبيرة لدرجة أن بعض الأطباء كانوا يرون أنه يحتاج إلى العلاج بالصدمات الكهربائية، ولكن لحسن حظه أنه تجنَّب هذا النوع من العلاج لأن حالته قد بدأت تتحسَّن حتى أن كل الخيالات المُهلكة لنفسه اندثرت تمامًا خلال بضعة أيام فقط.
والجدير بالذكر أن المهدئ الذي كان يفرط في استخدامه هو الذي تسبَّب في ازدياد الأفكار الانتحارية لديه، فالجرعة التي كان يتناولها هي ثلاثة أضعاف الجرعة الطبيعية، غير أن نسبتها لا تتناسب مع عمره. وبعد أن توقَّف عن هذا المهدئ بدأت تلك الأفكار في الاختفاء تدريجيًّا، وظل ستايرون في المستشفى ما يقرب من سبعة أسابيع، وفي تلك الأثناء كانت تتغلَّب عليه حالة من الاستسلام التام بأنه ما يمر به سينقضي حتمًا في النهاية، وكان هناك علاج جماعي وعلى الرغم من أن له أثر كبير في العديد من الأشخاص فإنه كان يزيد من غضبه ولا يفيده بشيء، وكان هناك أيضًا العلاج بالفن، وكان يُطلب منهم فيه رسم بعض الرسومات التي تختارها معلمتهم، ومع الوقت تحسَّنت حالته وبدأ يشعر بشيء من البهجة، وواصل علاجه بالفن حتى تعافى وانتصر به على مرضه وتمكَّن من الخروج من المستشفى.
الفكرة من كتاب ظلام مرئي – مذكرات الجنون
بعد إنكار دام لعدة أشهر، تأكَّد الروائي الكبير ويليام ستايرون أنه يعاني اضطرابًا اكتئابيًّا خطيرًا، وذلك في أواخر أكتوبر من عام 1985م، وكان ستايرون يظن في البداية أن ما يمر به من مشاعر قلق وأرق وتعب ما هي إلا أعراض انسحابية لامتناعه عن شرب الكحوليات وجميع المسكرات، ولكنه بعد فترة أدرك أنه كان يمر بشيء أكبر لا يمكن وصفه، فهو أشبه باللغز الكبير، ونقل لنا الكاتب رحلة أصابته بمرض الاكتئاب ومعاناته معه وكيف تخلَّص منه وعاد إلى حياته مرة أخرى.
مؤلف كتاب ظلام مرئي – مذكرات الجنون
ويليام ستايرون : كاتب وروائي أمريكي ولد عام 1925 في ولاية فرجينيا بأمريكا، درس في كلية الآداب، وعمل في الكتابة ونال العديد من الجوائز مثل “بولتزر”، وجائزة الكتاب الأمريكي. كانت رواياته دائمًا تثير الجدل في بلده، حتى إنها مُنِعَت من النشر في بعض الدول والمدارس، وقد عانى ويليام من اكتئاب حاد، وعندما تعافى منه كتب تجربته بشكل مفصَّل مع المرض ونشرها في كتاب “ظلام مرئي- مذكرات الجنون”.
ومن أشهر أعماله: “أرقد في الظلام”، و”اعترافات نات تيرنر”، و”خيار صوفي”.
معلومات عن المُترجم:
أنور الشامي: مترجم مصري ولد عام 1975، وتخرَّج في كلية الألسن بجامعة عين شمس، عمل بالصحافة وترجم العديد من السير الذاتية والأعمال الأدبية المختلفة مثل: رواية “1984” لجورج أورويل، و”أنا ملالا” للناشطة ملالا يوسفزاي.