دافنشي في المكتب

دافنشي في المكتب
في القرن الخامس عشر، ظهر المثل الأعلى لرجل عصر النهضة الموسوعي المعرفة، الذي عُرِّف بأنه رجل يتمتع “بفضول لا ينضب”، ولم يجسد أحد هذا المثل أفضل من دافنشي؛ لقد كان فنانًا ومخترعًا، وعالم نبات، ومهندسًا معماريًّا، وشاعرًا، وعالم رياضيات، لقد نشأ هذا النموذج الموسوعي من فكرة التعليم الشامل، إذًا كيف وصلنا من هناك -النموذج المثالي للتعليم الشامل المتعدد التخصصات الذي يدعم تطوير الموسوعيين- إلى عالم يتم فيه الضغط على المراهقين لاختيار التخصص وتحديد المسار الذي سيتبعونه من أجل تحقيق النجاح؟

قديمًا لم يعتمد أحد على موهبة واحدة؛ زرعت معظم العائلات طعامها الخاص وتعلمت المهارات المختلفة للحفاظ على المنزل، ثم تغير الوضع في منتصف القرن الثامن عشر مع ظهور المصانع، إذ ظهر مفهوم التخصص وتقسيم العمالة، وأصبحت الوظائف المتوافرة تتطلب معرفة مهارة واحدة، ومع ظهور الشحن الدولي وزيادة تنافس الشركات، ظهر مفهوم الإدارة وأصبح هدف النظام إرضاء المساهمين وليس العمال، لقد غيرت هذه التحولات على مدى العقود الماضية الطريقة التي نفكر بها في حياتنا المهنية، مما يعني أن كل التوجيهات الحسنة النية التي يقدمها آباؤنا وأجدادنا لن تنجح معنا.
إن تقديم التزامك الطويل الأمد تجاه شركة ما مقابل الحصول على هوية، وبعض الاستقرار المالي، وفرصة لتسلق سلم الشركة، لم يعد تجارة مربحة، قواعد اللعبة القديمة لن تنجح، ولا بد من تبني نموذج بديل، فكيف يبدو هذا النموذج؟ يفصل هذا النموذج هويتك عن وظيفتك الحالية، بصراحة، أنت أكثر من مجرد عملك، كما يعيد تعريف فرصك المستقبلية على أنها مجموعة واسعة من المسارات المحتملة بدلًا من مسار ضيق، ويوفر خيار تلبية احتياجاتك من عدة مصادر، ويضمن المرونة عندما يتعلق الأمر بإدارة الوقت، هذه هي الركائز الأربع للنموذج البديل، أو كما نسميه “البورتفوليو | Portfolio”، وهو عبارة عن مجموعة منسقة من العناصر التي تلبي هدفًا أو غرضًا محددًا.
الفكرة من كتاب حياة البورتفوليو: تأمين مستقبلك الوظيفي وصنع حياة تستحقها
ها أنت تجلس في مكتبك، كعادتك كل يوم في الثامنة صباحًا، تفكر في المشاريع التي تود أن تعمل عليها، والمهارات التي أثارت اهتمامك أخيرًا، ومن ثم تتذكر حياتك الاجتماعية التي تأثرت بجدول عملك المزدحم، وتفكر في آخر مرة تمرنت فيها، وينتهي بك الأمر وأنت تخبر نفسك أنك يومًا ما ستتقاعد مع راتب مناسب يكفي لممارسة كل هذه الأنشطة، وتقطع مهامُ العمل التي لا تنتهي حبلَ أفكارك هذا.
هذه هي حال الكثيرين، فلو كنت واحدًا منهم يا صديقي، دعني أطرح عليك عدة أسئلة يجب عليك التفكير فيها، وهي: هل وظيفتك حقًّا آمنة؟ وهل مواردك المالية مناسبة لتطلعاتك الحالية؟ وهل تنفق مواردك بشكل صحيح؟ وأخيرًا هل يجب عليك إهمال أفكارك الخاصة وتطلعاتك البعيدة عن العمل؟ أريد منك أن تكتب إجاباتك الخاصة عن هذه الأسئلة، لأن كل ما تؤمن به على وشك التغيير، فهل أنت مستعد؟
مؤلف كتاب حياة البورتفوليو: تأمين مستقبلك الوظيفي وصنع حياة تستحقها
كريستينا والاس: رائدة أعمال لديها أكثر من عشر سنوات من الخبرة في بناء الشركات، وتعمل حاليًّا أستاذة في ريادة الأعمال والتسويق في كلية هارفارد للأعمال، ومن مؤلفاتها:
New to Big: How Companies Can Create Like Entrepreneurs, Invest Like VCs, and Install a Permanent Operating System for Growth
ملحوظة: لا توجد ترجمة عربية لهذا الكتاب.