داخل المستعمرات.. كرة القدم معركة قومية
داخل المستعمرات.. كرة القدم معركة قومية
كان هذا النموذج الإمبريالي في الاستيطان والإدارة يُطبق على مستعمرات الإمبراطورية كافة، حيث يأتي الجيش البريطاني مُحددًا لقواعد اللعبة ويُنشئ الأندية الاجتماعية، ثم يبدأ في تنظيم مباريات بين الفرق البريطانية، لتتحول هذه التفرقة العنصرية إلى حس قومي عند السكان الأصليين ثم يبدؤوا في تعلم هذه اللعبة لهزيمة المستعمِر فيها، وفي المستعمَرات البعيدة عن إنجلترا في سنغافورة وماليزيا تم إنشاء الموانئ المخصصة للبحرية البريطانية لتقدم الدعم للقوات هناك، وبعد إنشاء الموانئ واستقرار القوات لُعبت العديد من المباريات بين أطقم السفن، وتم إنشاء النوادي الاجتماعية للوافدين الإنجليز فقط، وكالعادة شعر النخبة من السكان الأصليين بالعنصرية ورغبوا في الانضمام إلى نوادٍ شبيهة بالنوادي البريطانية، فأسسوا نوادي اجتماعية على النظام الإنجليزي، ليأتي فريق نادي “كاجوالز” بعد ثلاثين سنة ويفوز ببطولة كأس الاتحاد الصيني لكرة القدم على حساب فريق الأسطول الملكي، ليتكرر الأمر مرة أخرى في زنجبار الإفريقية ويتم تكوين فريق من السكان المحليين الذين التقطوا اللعبة وتعلموها في أثناء عملهم خدمًا في المؤسسات البريطانية، وتكون فريق “كاديز” من هؤلاء الخدم الذين كانوا يعملون في الأندية البريطانية، ولكن خسر السكان المحليون هذه المرة.
لكن الوضع كان مختلفًا بالكامل في نيوزيلندا، حيث كانت المستعمرة البريطانية الوحيدة التي تعدى فيها عدد الجنود الإنجليز عدد السكان الأصليين، مع نسبة من المهاجرين الأستراليين، ثم تم إنشاء نواد اجتماعية لهؤلاء البريطانيين الذين أصبحوا بمنزلة السكان الأصليين مع شعور بالذات والتفرد، ونظموا دوريات لكرة القدم كان من لحظاتها المهمة هزيمتهم للأستراليين الذين لعبوا دور الوافد المستعمِر هذه المرة، كشف هذا عن هوية خاصة بهؤلاء السكان الجدد تجعلهم يشعرون بأنهم مختلفون عن الإنجليز والوافدين الأستراليين، أدى هذا الطابع الخاص إلى وجود عسكري قليل بالنسبة إلى بقية المستعمرات، ولكن لم ينعدم بالكامل فحين كانت البحرية الملكية تأتي إلى الجزيرة، لم تكن تفوت الزيارة دون خوض مباراة كرة قدم.
الفكرة من كتاب الإمبريالية والهوية الثقافية وكرة القدم: كيف أنشأت الإمبراطورية البريطانية الرياضة الوطنية المصرية
نشأت كرة القدم في البداية وسيلة للحفاظ على اللياقة البدنية والمساعدة على الانخراط وسط الفريق واللعب الجماعي، كانت هذه الأفكار نابعة من حركة “المسيحية القوية” التي سيطرت على الكنائس والأوساط التعليمية داخل إنجلترا في بداية القرن التاسع عشر، أصبحت كرة القدم بعدها رمزًا بريطانيًّا ووسيلة لنشر ثقافتها، يشرح الكاتب كيف تأثر السكان الأصليون بهذه الرياضة تحت الاستعمار البريطاني، وكيف اتخذت أبعادًا أخرى سياسية بعد ذلك.
مؤلف كتاب الإمبريالية والهوية الثقافية وكرة القدم: كيف أنشأت الإمبراطورية البريطانية الرياضة الوطنية المصرية
كريستوفر فيرارو: باحث بقسم التاريخ في كلية الآداب جامعة سانت جون في نيويورك، حصل على الدكتوراه في هذه الأطروحة تحت إشراف الأستاذ الدكتور مايرسيو بوريرو، المتخصص في التاريخ الاجتماعي الرياضي، وقد استعان أيضًا بالدكتور كونراد تيششير المتخصص في التاريخ الإفريقي، وبالدكتورة نيرنا ريستمجي الباحثة في شؤون الشرق الأوسط ليخرج لنا هذا الكتاب.
عن المترجم:
وليد رشاد زكي: أستاذ مساعد في علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية.
له العديد من المؤلفات، منها:
المواطنة والتمكين في العصر الرقمي.
رأس المال الاجتماعي عبر المجتمع الافتراضي: مقومات البناء ومعوقات الإهدار.