خواطر في التنمية
خواطر في التنمية
ألقيت هذه المحاضرة بنادي الطائف الأدبي في عام 1397هـ/1977م، وطرح غازي القصيبي فيها المقارنة بين المملكة العربية السعودية قبل الملك عبد العزيز وقد كانت عبارة عن فرق وعشائر ودويلات هزيلة متحاربة ثم انصهرت هذه العشائر في وطن واحد مستقر وآمن، مع مشاريع الخطة الخمسية وضخامة التحديات والموارد المالية المتاحة في وقت المحاضرة، وقد وصف الكاتب اجتماع هذه الموارد مع حداثة العهد بالتنمية وضعف التجهيزات الأساسية بالوضع الغريب الذي يتميز ببعض مظاهر التقدم وبعض مظاهر التخلف متعايشة جنبًا إلى جنب.
يصف غازي القصيبي كذلك التنمية بأنها تحدٍّّ ذو وجهين، أولهما: رفع مستوى المرافق والخدمات العامة، والثاني: النجاح في إقامة قاعدة اقتصادية راسخة يمكن الاعتماد عليها بعد أن تجف آخر بئر من آبار البترول. يتحدث الكاتب كذلك عن التخلف بوصفه عدوًّا يلبس ألف وجه ويحارب في ألف ميدان بالداخل و الخارج، لذلك فالتنمية معركة تتطلب من كل فرد المحاربة بكل ما يملك من شجاعة وإيمان، كل في مجاله، فلا يمكن إلقاء كل العبء على الحكومة، لأن التنمية ليست مسرحية شيقة تعرض أمام المواطن ليبدي استحسانه أو استهجانه.
في هذا الإطار يقول الكاتب إن ضخامة الموارد المالية لا تعني بصفة تلقائية وسريعة انتهاء مظاهر التخلف، فالثراء يحمل معه خطر النزعة الاستهلاكية والترف، فيجب العودة إلى الأصل والاقتداء بالنبي (صلى الله عليه وسلم) وتذكر أن الدنيا بزخرفها زائلة، ويجب الحذر من الوقوع في مصائر الحضارات التي سقطت في فخ المادية . جدير بالذكر كذلك ما سبق أن قاله الكاتب عن أن التنمية السعودية تمت بطمأنينة وسلام دون استغلال الرأسمالية ولا إذلال الشيوعية، بل ضمن مجتمع متآخٍ.
الفكرة من كتاب التنمية وجهًا لوجه
في العام 1397ﻫ/ 1977 م، وصفت مجلة “النيوزويك” ما يدور في المملكة العربية السعودية بأنه “أعظم محاولة للتخلص من أسر التخلف منذ بدأت اليابان محاولتها للأخذ بأسباب المدنية الحديثة في القرن السابق”. من هنا يأتي هذا الكتاب ليجمع عدة محاضرات سبق أن ألقاها الكاتب بين العامين 1977 و 1980 حيث يناقش التنمية و الأسباب الكامنة خلف نجاحها أو فشلها وبالتحديد التنمية في السعودية ومنطقة الخليج.
في هذا الإطار، يبدأ الكاتب حديثه عن وزارة الكهرباء والتحديات الوزارية، ثم يشاركنا خواطره عن التنمية وعن الصناعة بوصفها أملًا و تحديًا في المملكة العربية السعودية وحجر أساس للتنمية في الخليج. لا ينسى الكاتب مع ذلك أن يناقش الأوهام والتساؤلات المصاحبة للعملية التنموية في الداخل السعودي وخارجه، ويفند المخاوف والإشكالات التي يجب تفاديها لتنجح هذه الثورة التنموية.
مؤلف كتاب التنمية وجهًا لوجه
غازي عبد الرحمن القصيبي، من مواليد الإحساء بالمملكة العربية السعودية عام 1940م/1359هـ. درس الحقوق بجامعة القاهرة ثم التحق بالدراسات العليا في لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية متخصصًا في العلاقات الدولية. في ما بعد، حصل على الدكتوراه في جامعة لندن كلية university college وكان موضوع رسالته عن اليمن.
على مدار حياته عمل مدرسًا مساعدًا ومستشارًا لبعض الجهات الحكومية ، ثم تولى الكاتب مناصب إدارية متعددة كعميد لكلية التجارة بجامعة الملك سعود ورئيس لهيئة السكة الحديد قبل أن يصبح وزيرًا للصناعة والكهرباء ومن ثم وزيرًا للصحة. تخللت مهامه الوزارية فترة من العمل سفيرًا للمملكة بالبحرين ثم في المملكة المتحدة قبل أن يعود إلى الوزارة مرة أخرى وزيرًا للمياه والكهرباء ثم أخيرًا وزيرًا للعمل.
توفي غازي القصيبي في عام 2010 تاركًا من خلفه إرثًا من مؤلفات الشعر والأدب، أشهرها رواية “شقة الحرية”، وكتاب “حياة في الإدارة” وكتاب “من هم الشعراء الذين يتبعهم الغاوون؟ “. أما عن الأعمال الشعرية فمنها قصيدة “رسالة المتنبي إلى سيف الدولة” و قصيدة “القلم تم بيعه وشراؤه”.