خوارق اللاشعور
خوارق اللاشعور
القوى النفسية موجودة في جميع الناس، لكنها لا تظهر فيهم على درجة واحدة، فأغلب الناس يملكون منها قسطًا ضئيلًا لا يكادون يحسون به، ولكنها قد تظهر في بعض الأشخاص النادرين، فتجعلهم يأتون بالغرائب، ويقومون بالخوارق المدهشة، ولقد اختار الكاتب عنوان خوارق اللاشعور، لأنه أراد أن يلفت نظر القارئ إلى ناحية من الشخصية البشرية كان غافلًا عنها، وهي ناحية اللاشعور، وكلما قلَّت عقد الشخص النفسية كان أقدر على الانتفاع من قواه الخارقة.
إحدى أكثر الأفكار التي لاقت رواجًا وانتشارًا في هذا القرن، كانت فكرة اللاشعور أو العقل الباطن، فبعدما كان الإنسان في الماضي حرًّا يوجه سلوكه في ضوء عقله الواعي، ويقرر مصيره بإرادته، أصبح اليوم يقع تحت تأثير الحوافز اللاشعورية، والعقل الباطن، وحتى الذين ينكرون وجود هذا العقل، لا يستطيعون إنكار وجود بعض القوى الكامنة في أغوار النفس البشرية، تؤثر في سلوكه من حيث لا يشعر، ولقد صُنِّف الأشخاص الذين يؤمنون بوجود العقل الباطن إلى قسمين: قسم منهم يعتقد بأن العقل الباطن مَكمن الرغبات المكبوتة التي لم يستطع الإنسان إشباعها لسبب ما، وبقيت محبوسة في العقل الباطن، منتظرة الفرصة السانحة للخروج، وأما القسم الثاني فيعتقدون بأن العقل الباطن مهبط الوحي، والإلهام، ومنبع العبقرية والاختراع.
ووضح الكاتب رؤيته للعقل الباطن بأنه حيز ذهني تجتمع فيه مجموعة من الحوافز، فهو مكمن العقدة النفسية، والرغبات المكبوتة من ناحية، وموضع الأحاسيس الخارقة، والقوى النفسية من الناحية الأخرى، وبهذا هو مصدر للخير والشر معًا، كما أن حوافز اللاشعور تخطئ وتصيب أحيانًا، فليس هناك مرشد في الوجود لا يخطىء بتاتًا، فلقد وَلَّى زمن الحقائق المطلقة، ولكن مع ذلك فصوابها أكثر من خطئها، ويجب علينا أن نكون شديدي الحذر عند إصغائنا لحوافز اللاشعور فينا، فهي لا تنبعث إلا من نفس صافية مطمئنة، وينبغي عليك ألا تنتظر منها خيرًا، إن كنت تريد بها إشباع إحدى رغباتك المكبوتة.
ولقد توصَّلت جمعيات المباحث النفسية في بريطانيا إلى أن لدى الإنسان ملكات نفسية خارقة أهمها تناقل الأفكار، ورؤية الأشياء من وراء حاجز، والتنبؤ، والمشكلة التي نعانيها اليوم لا تنحصر في تكذيبنا أو تصديقنا لهذه الظواهر الخارقة، بل في قلة معرفتنا بطبيعتها، ولقد ربحنا في حياتنا المدنية الجديدة من جهة، وخسرنا من جهة أخرى، فلقد تقدَّمت لدينا أساليب الحياة المادية تقدمًا عظيمًا، بينما تأخرت فينا أساليب النفس، وطرق استثمار قوانا الخارقة، أي مكَّنا فينا قوى العقل الظاهر، فتقلصت قوى العقل الباطن لأننا استخدمنا خوارق المادة، وأهملنا خوارق اللاشعور.
الفكرة من كتاب خوارق اللاشعور (أسرار الشخصية الناجحة)
هل سبق وتساءلت يومًا عن الحظ؟ ولماذا هنالك أشخاص يرون أنفسهم على أنهم سيئو الحظ؟ هذا الكتاب يتحدث عن بعض الأمور الغامضة كالحظ، والعبقرية، والتفوق، والنجاح، كما يوضح أثر الحوافز اللاشعورية، التي تحدث بالعقل الباطن، وقدرتها الكبيرة على إحداث تغييرات جذرية في حياتنا، متناولًا ذلك في ضوء النظريات العلمية الحديثة، فهذا الكتاب بمثابة دراسة اجتماعية قيمة للنفس البشرية، توضح أسرار الشخصية الناجحة، وعوامل الإبداع، وأسباب الفشل، في إطار جديد مختلف.
إن اللاشعور لا يعرف التمييز بين الحق أو الباطل، أو بين الصواب والخطأ، فهذا من شأن العقل الظاهر أن يعرفه، فهو عقل الشك والبحث والتفلسف، أما العقل الباطن هو عقل اليقين والعقيدة، وخوارق اللاشعور لا تدل على صحة العقيدة، بقدر ما تدل على قوتها في النفس.
مؤلف كتاب خوارق اللاشعور (أسرار الشخصية الناجحة)
الدكتور علي الوردي (1913: 1995): وُلد في بغداد في مدينة الكاظمية، عمل بالعديد من الوظائف الجزئية محدودة الدخل حتى تخرج في المدرسة الثانوية ونال المرتبة الأولى، ثم حصل على بعثة للجامعة الأمريكية في بيروت، وأتم دراسة الماجستير والدكتوراه في جامعة تكساس الأمريكية، وعُيِّن مدرسًا لعلم الاجتماع في كلية الآداب في جامعة بغداد، وقام بكتابة العديد من البحوث المهمة، والمقالات، والكتب، كما ظهر تأثره الواضح بابن خلدون في علم الاجتماع، وتُوفي بعد صراع طويل مع مرض السرطان عن عمر يُناهز 81 عامًا.
من أهم مؤلفاته:
وعاظ السلاطين.
مهزلة العقل البشري.
الأحلام بين العلم والعقيدة.