خلق طبقة أرستقراطية
خلق طبقة أرستقراطية
أفرز التحول الرهيب على مدى العقود الثلاثة التي أعقبت إجراءات الإصلاح الاقتصادي ثمة تغييرات جذرية في المعادلة الاجتماعية لجمهوريات الصين الشعبية، فرغم انتشال الملايين من بوتقة الفقر؛ فإن الاتجاه العام ناحية اقتصاد السوق ارتبط بتشكُّل ظاهرة الطبقية في المجتمع الصيني والبعد عن المساواة، فتم خلخلة النظام الاجتماعي وبرزت على الساحة طبقة النخبة أصحاب الأبراج العاجية من فاحشي الثراء، كما زادت جبال الجليد بين المستويات المعيشية في المدن والريف.
ومع تنامي حدة التفاوت الطبقي بين الأفراد أصبح يلوح في الأفق ثمة تهديد للسلم الاجتماعي، حيث تُظهر استطلاعات الرأي أن أغلبية الصينيين يرون الأثرياء يجمعون ثرواتهم من خلال الفساد، كما أظهرت تقارير على الصعيد نفسه بشعور الأثرياء بعدم الأمان جراء النظرة المريبة لثرواتهم من قِبل طبقات المجتمع الأكثر فقرًا، ويبدو أن هذا الاتجاه العام بالسخط تجاه الأثرياء ليس وليد الصدفة فيبدو أن له ما يؤيده في الموروث الشعبي، حيث نُقل عن أحد تلامذة المعلم الروحي كونفوشيوس قوله “لا يمكن للمرء أن يصبح ثريًّا دون أن يكون ظالمًا”.
وبالنظر إلى نشأة أثرياء الصين نجدهم ينقسمون إلى أربع طبقات الأولى منهم ظهرت إبان إجراءات الإصلاحات الأولى، واعتمدوا في تكوين ثروتهم على نحو أساسي على المشروعات الصغيرة التي تركزت على نحو كبير في تجارة التجزئة، في حين بزغت الطبقة الثانية في منتصف الثمانينيات واستفادت على نحو كبير من بعض السياسات الحكومية التي سمحت ببيع بعض موارد الدولة والاحتفاظ بالأرباح، في حين تمثَّلت الطبقة الثالثة من أثرياء الصين في المضاربين بالعقارات والأراضي، فهم كانوا النواة الأولى لمليارديرات الصين، وأخيرًا كانت الطبقة الرابعة هي الأكبر والأغنى حيث تمثلت في المسؤولين الحكوميين السابقين والمديرين وأصحاب النفوذ والسلطة في البلاد الذين جنوا أرباحًا طائلة جراء عمليات الخصخصة الواسعة التي عمَّت القطاع العام الصيني.
الفكرة من كتاب على خطى الصين يسير العالم
الصين اليوم ليست هي الصين بالأمس، فتجربتها تحتوي على فوارق تاريخية دقيقة، وعلى ذلك فهذا الكتاب يوفر لنا كنزًا من المعلومات في صورة سهلة الاستيعاب ومثيرة للاهتمام حول ما أسهمت به إجراءات الإصلاح الاقتصادي من تغييرات جذرية في المعادلة المجتمعية في الصين.
مؤلف كتاب على خطى الصين يسير العالم
كارل غيرث Karl Gerth: كاتب وخبير في مجال النظم الاستهلاكية الصينية، حصل على دكتوراه الفلسفة من جامعة هارفارد، ويعمل أستاذًا للدراسات الصينية في جامعة أكسفورد، كما حصل على العديد من الجوائز البحثية من مؤسسة فولبرايت الأمريكية والأكاديمية البريطانية ووزارة التعليم اليابانية، ويشغل حاليًّا منصب الرئيس المشارك لفريق الصين بمشروع ceres 21 الذي يدرس عملية التكيف الإبداعي في صناعتي السيارات والطاقة مع التغيرات المناخية في ثلاث قارات برعاية مجلس البحوث النرويجي.
له العديد من الكتب منها:
الرأسمالية التي لا تنتهي.
ثقافة المستهلك وخلق الأمة.