خلف القضبان
خلف القضبان
المُدبِّر هو الله، ولله الحكمة البالغة، إذ كان السجن سبيل يوسف (عليه السلام) إلى الحرية، ولم يمنعه سجنه من الدعوة إلى ربِّه، فيسَّر الله له أمره، وفرَّج عنه همَّه، وعلَّمنا على لسان قصَّته أن الله قد يُخرجك من ضيق سجنك برؤيا يراها سجَّانك.
يستنبط المؤلف من قصة يوسف (عليه السلام)؛ آداب الرؤيا ومفاتيح التأويل، فمن آدابها ألا يذكر المعبر التفاصيل الموحشة، ومنها أن تُفسَّر الرؤيا بظاهرها لما فيه من غرابة كافية، ومن مفاتيح التأويل: مفتاح العادة، ودلالة البداية على النهاية والمقدمة على النتيجة.
﴿ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي﴾، إشارة من يوسف (عليه السلام) إلى فضل الله، يُثني فيها على الله، ويجعلها سبيلًا للدعوة إلى الله، إذ إن مدى حياته وحياة الأنبياء والصالحين والخلق أجمعين هو الله!
الفكرة من كتاب يوسفيات
إن التدبُّر هو ما يفعله كلُّ مؤمن يقرأ كتاب الله، ما دام عقله حاضرًا، وقلبه واعيًا، فكلُّ معنى يقف عنده القلب مُتأثِّرًا، أو مُتشوِّقًا، أو مُتحسِّرًا، أو مُتلهِّفًا، أو مُحبًّا، أو مُبغضًا، وكل تلك المعاني النفسية هي من صميم التدبُّر، ولا يكاد قارئ لآيات كتاب الله إلا ويشعر بها في قلبه، ويتصوَّرها في خياله.
فالقرآن كتابٌ مُبين، ومن كونه مُبينًا أنَّ كلَّ الكُتب يعتريها غموض سواه، فكل الكُتب فيها لبس إلا هو، ويطرأ عليها شيء من التناقض عداه، إذ إنَّ الوضوح الصفة الأهم لأعظم كتاب أنزله الله، فمن قرأ القرآن ولم تتضح الرؤى لديه وتترتَّب فوضى عقله ولم تنسجم قناعاته مع مبادئه؛ فهو لم يقرأ القرآن حقًّا، وقد أُنزِل القرآن حاملًا خصائص العلو والارتفاع، فكل من قرأه علت نفسه، وكل من حفظه علت همَّته، وكلُّ من تدبَّره علت قدرته وأنارت بصيرته، ومن عمل به علت منزلته ومكانته.
مؤلف كتاب يوسفيات
علي بن جابر الفيفي: علي بن يحيى بن جابر الفيفي يعمل محاضرًا في قسم الشريعة واللغة العربية في كلية البرامج المشتركة بالمحالة، وقد التحق بالجامعة عام 1435 هجريًّا، وهو حاصل على بكالوريوس في تخصُّص العودة، هذا إلى جانب حصوله على درجة الماجستير في تخصُّص الدعوة والاحتساب.
من مؤلَّفاته: “لأنك الله”، و”محمد الرجل النبيل”، و”سوار أمي”، و”حلية الوقار”، وغيرها.