خلفاء محمد علي
خلفاء محمد علي
خلف عباس الأول محمد علي، وتوقفت في عهده الحركة الإصلاحية الداخلية باستثناء مد أول سكة حديد من الإسكندرية إلى القاهرة، بإجبار من بريطانيا لتسهيل مواصلاتها إلى الهند، وانتشرت الفوضى والدسائس في الإدارات والأقاليم.
خلفه عمه سعيد باشا، وعادت حركة الإصلاحات وتمثلت في إصلاح نظام التجنيد، وإلغاء قانون الملكية القديمة للأراضي الزراعية والسماح للفلاحين بالتملك والربح، وتنازل عن جزء كبير من الديون المتراكمة.
حول العديد من الدواوين إلى وزارات فعلية، وسمح للعساكر المصريين بالترقي إلى درجة الضباط بعدما كان ذلك حكرًا على الشراكسة والأتراك، وخفض الجمارك وأصلح ترعة المحمودية مما حسن التجارة، كما لم يهمل السودان وناله جانب من الإصلاح الإداري.
ارتكب رغم ذلك العديد من الأخطاء الجسيمة، فقد ألغى التعليم العام واقتصر على التعليم الحربي، وكان أول من خطا في سياسات الاستدانة من الدول الأوروبية، فظهر الدين العام في الميزانية المصرية لأول مرة منذ عهد محمد علي، مما أدى إلى حصول الأجانب على الامتيازات، ومنح امتياز شق قناة السويس للفرنسي ديليسبس عام 1854م بعدما نجح في إغرائه بنتائج المشروع والأرباح العائدة على مصر.
ثم ورث الحكم من بعده الخديوي إسماعيل، محملًا بطموح جريء، انتعشت البلاد في فترة حكمه ما بين 1863م حتى عام 1869م، وبعدها بدأ مسلسل الانهيار، نتيجة مشكلتين رئيسيتين، الأولى هي الاستدانة المستمرة بتشجيع من أوروبا، والثانية الإسراف والبذخ في النفقات الخاصة به وبحاشيته، والرشاوي الهائلة للأستانة بهدف الحصول على بعض الامتيازات.
الفكرة من كتاب تاريخ مصر الحديث: من محمد علي إلى اليوم
التاريخ ليس مجرد نقل للأحداث، بل هو فن الوصول إلى الحقيقة، عن طريق وسائل يتبعها مؤرخ ذو عبقرية فذة وبصيرة ثاقبة، يتتبع الخطوط حتى يصل إلى رسم المشهد الكامل، مبرزًا الأحداث المؤثرة ومحللًا لأسبابها ومعددًا لنتائجها دون الغرق في تفاصيل كثيرة هامشية لا صلة لها بالحدث، ولأن مصر من الدول القليلة التي تتابعت عليها الأحداث الجلل بصورة مكثفة في فترات زمنية قصيرة، احتل تاريخها القديم والحديث أولوية اهتمام المؤرخين.
مؤلف كتاب تاريخ مصر الحديث: من محمد علي إلى اليوم
محمد صبري: ولد الدكتور بالقليوبية في عام 1894م، وتنقل بسبب عمل والده مفتشًا بين القرى الزراعية، ونشأ محبًّا للأدب والشعر، لدرجة تأخر حصوله على شهادة الثانوية بسبب اهتمامه بالقراءة وكتابة الشعر، احتك فيها بأدباء وشعراء عصره كالمنفلوطي وحافظ إبراهيم، سافر لدراسة التاريخ الحديث في جامعة السوربون، وحصل فيها على الدكتوراه عام 1924م.
عينه سعد زغلول سكرتيرًا ومترجمًا للوفد المصري بمؤتمر السلام لبراعته باللغات الأجنبية، كان همه الأول الكتابة عن تاريخ مصر الحديث لإبراز هويتها القومية، فهدف لكتابة أربعة مجلدات عن التاريخ الحديث لمصر، نجح في إخراج جزأين فق
ط، ثم انشغل بعدة أدوار معرفية وأدبية أخرى، ولكن لم يوقفه ذلك عن اهتمامه بالأدب، فأصدر سلسلة أدبية “الشوامخ ” عن شعراء ما قبل الإسلام.
توفي في عام 1978م بعدما عانى من عدة مشكلات أسرية ومالية، وسط تجاهل كبير لما قدمه في خدمة بلاده.