خطورة صنم الذات
خطورة صنم الذات
إن لداء الإعجاب بالنفس مخاطر عظيمة على كل من يصاب به، وفي بيان خطورته يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “فأما المهلكات: فشحٌّ مطاع، وهوى متَّبع، وإعجاب المرء بنفسه”، ويقول ابن تيمية (رحمه الله): “الرياء من باب الإشراك بالخلق، والعُجب من باب الإشراك بالنفس”، فإذا تسلَّل العُجب إلى النفس حوَّل كل عمل صالح، فأحبطه وأفقده قيمته، وحوَّله من طاعة مبرورة إلى معصية وشرك، وصدق الله القائل: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾.
ومن صور خطورته أيضًا أنه يؤدي إلى الكِبر وعدم القدرة على قَبول الحق ومن ثم الخسران المبين، كما أنه يؤدي إلى اتباع الهوى ونسيان الذنوب، فالمُعجب ينظر إلى نفسه بعين الرضا، ولا ينظر إليها بعين الاتهام والحذر، وهذا يؤدي إلى الخذلان وحرمان التوفيق والتعرض للفتن، وبهذا يكون عُرضة لغضب الله (عز وجل) لأنه جاحد لفضل ربه العظيم عليه.
فالمُعجب يتحدَّث عن نفسِه ويُزكِّيها خصوصًا إذا أحسَّ بتمُّيزه في جانب ما، كما أنه يرى نفسه أنه أهل للقيام بالأعمال التي يرى أنه مميز فيها فيُقدِّم نفسه دائمًا، كما أنه لا يتقبَّل النقد بسهولة في الشيء الذي يرى نفسه فيه، وكذلك لا يقدر على الاستماع أو التلقي من الآخرين، أو قبول النصح منهم، وبخاصة في الأمور التي يشعر فيها بتميُّزه ونبوغه، ولا يُقدِّم خدمة إلا ويَمُنُّ بها وينتهز الفرصة المناسبة للتذكير بخدماته وعطاياه، وبهذه الصفات يخسر محبة الناس، فالناس لا تحب من يُشعرها بنقصها، ويحدثها من علٍ، ولا تحب من يُكثر الافتخار بنفسه ويباهي بإنجازاته.
الفكرة من كتاب حطم صنمك وكن عند نفسك صغيرًا
إن التربية الإيمانية لها أثر فعَّال في دفع المرء للقيام بأعمال البر، فكلما ازداد الإيمان في القلب كانت آثاره العظيمة في السلوك، ومع الأهمية القصوى لإيقاد شعلة الإيمان في القلب والعمل الدائم على زيادته، يبقى أمر آخر على نفس الدرجة من الأهمية، وهو المحافظة على أعمالك الصالحة التي تقوم بأدائها من كل ما يفسدها ويبعدها عن مظنَّة الإخلاص لله (عز وجل)، ومن أهم الأمور التي يمكنها أن تفعل ذلك إعجابك بنفسك، ورضاك عنها ورؤيتها بعين التعظيم.
فهذا الداء الخطير الذي يتسلَّل بخبث إلى النفوس من شأنه أن يحبط العمل ويفسده، بل تصل خطورته إلى حد الوقوع في دائرة الشرك الخفي بالله (عز وجل)، معنى ذلك أنك تتعب وتبذل الكثير من أجل قيامك بعمل ما، ثم يأتي داء العُجب فيقضي على عملك ويحبطه، ومن هنا ينطلق بنا الكاتب لتعريف هذا الداء الخطير ومُسبِّباته وأهمية التخلُّص منه فورًا والوسائل المُعينة على ذلك.
مؤلف كتاب حطم صنمك وكن عند نفسك صغيرًا
مجدي الهلالي: كاتب وطبيب وداعية مصري، قدَّم عشرات الكتب في الدعوة والتربية الإيمانية التي تهدف إلى ارتقاء الفرد بنفسه والتخلُّص من مثبِّطات الهمم، له العديد من الخطب والتسجيلات والمقالات في مختلف الصحف والمواقع الإلكترونية، شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات المحلية والدولية، عمل بالسعودية فأقام في المدينة المنورة إلى أن توفي بها سنة 2005م.
من مؤلفاته: “التوازن التربوي وأهميته لكل مسلم” و”فلنبدأ بأنفسنا”، و”الإيمان أولًا فكيف نبدأ به” و”تحقيق الوصال بين القلب والقرآن”.