خطة المشروع الكبير
خطة المشروع الكبير
شهد منتصف القرن السابع عشر الميلادي ظهور ما أطلق عليه “خطة المشروع الكبير” للفيلسوف الألماني ليبنتز، الذي كان مشهورًا وهو في الثامنة عشرة من عمره، وكان حاصلًا على الدكتوراه وقت انتصرت جيوش الإمبراطورية النمساوية انتصارًا ساحقًا على الأتراك في سان جوتار، وقد أقنع وجود وحدة عسكرية فرنسية في ساحة القتال “ليبنتز” بأن الوحدة المسيحية هي أفضل حاجز صد في مواجهة الخطر العثماني.
وقد انبهر الفيلسوف بأداء الجنود الفرنسيين، وولع بالارتقاء السريع لملكهم لويس الرابع عشر، ومن ثم كرس نفسه لكتابة نص يدعو إلى مشروع كبير أوروبي مسيحي، يقوم أساسًا على غزو جيوش الملك لويس الرابع عشر لمصر، وحاول إغواء الملك بتفصيله لأهمية مصر السياسية والاقتصادية، ولكن الملك رد عليه رد رجل دولة واقعي؛ فقال إن هذا المشروع لا يتوافق مع ذوق العصر منذ القديس لويس.
وبالفعل لم يكن الملك يستشعر الرغبة في الإساءة للأتراك الذين كان قد جدَّد معهم لتوِّه نص (الاستسلامات)، إلا أن الفيلسوف أمضى وقته في الدعوة إلى غزو بلد الفراعنة في الصالونات والاجتماعات وفي أثناء استقباله في أكاديمية العلوم والآداب الجميلة، غير أن ليبنتز أخفى الوثيقة الأولى الحقيقية التي تشمل 300 صفحة بها الخطوات والخطط اللازمة لغزو مصر، ولم يهتم بتقديم تفاصيل ثمينة ومعلومات للملك طالما أن هذا المشروع لم يلقَ دعمه، لذا لم يصلنا سوى ملخص من 50 ورقة، تمثل الخطوط العريضة للمشروع فقط.
وقد ظل هذا الحلم في خاطر “ليبنتز” زمنًا طويلًا، ويثبت هذا وجود مذكرة ثانية أكبر من الأولى في صورة خطاب موجه إلى لويس الرابع عشر يتضمَّن موضوع الحملة وسبلها بطرائق محدَّدة، بل وأخرى ثالثة مكتوبة باللغة اللاتينية؛ ورد فيها أن جوهر المشروع السيطرة على مصر ونقل مصالح الملك لها ومن هناك تحكم فرنسا العالم وتسيطر على المسيحية لتضطلع بدور مهم في الكنيسة، كما أن مصر بلد يعتمد على نفسه ويزدهر منذ بداية التاريخ، وتضم أول برزخ في العالم يربط بين أهم بحرين، وتمثل الطريق الذي يتعيَّن السير فيه.
الفكرة من كتاب الولع الفرنسي بمصر من الحلم إلى المشروع
يتحدث هذا الكتاب عن أسباب ولع الفرنسيين بمصر على مر التاريخ، وكونها محور اهتمامهم، حيث نبتت في أذهانهم كفكرة سحرتهم بجمالها، لا كمادة لمتحف، وملهمة لمشاريع عظيمة وفتوحات عاطفية وأدبية وفنية، لا فتوحات عسكرية فقط.
كما أن هذا الولع تحوَّل إلى مشروعات حقيقية أُرسِل على إثرها مستشرقون وعلماء وجواسيس لدراسة مصر وأحوالها ومعرفة مدى مناسبة الغزو لها، وتقصِّي أحوالها وأحوال أهلها.
مؤلف كتاب الولع الفرنسي بمصر من الحلم إلى المشروع
أحمد يوسف: كاتب مصري، ولد بمدينة الإسكندرية وأتم دراسته الثانوية بها ثم انتقل إلى القاهرة، ودرس بكلية الألسن، وعمل بها معيدًا ثم مدرسًا مساعدًا، وحصل عام 1992 على الدكتوراه من جامعة السوربون عن رسالة “مصر في الخيال الجمعي الفرنسي”.
له مجموعة من المؤلفات، أهمها: “كتوكتو المصري”، و”الأسرار السبعة لمكتبة الإسكندرية”، و”نابليون ومحمد”، وكلها نشرت في فرنسا.