خصائص ومشكلات تلك المرحلة
خصائص ومشكلات تلك المرحلة
بوصول الطفل إلى مرحلة المدرسة يُفاجأ باتساع العالم وتعقُّد العلاقات فيه، وأن عليه واجبات والتزامات لا مفرَّ منها، وقد يشعر بالإحباط لمنعه من مزاولة نشاطٍ مُلحٍّ أو تنازع رغبتين في نفسه؛ إحداهما محَّببة والأخرى مفيدة؛ فيلجأ للحِيَلة للتملُّص من المسؤوليات كتوهُّم المرض هروبًا من المدرسة، أو استجلاب العطف، وإسقاط ما بنفسه على الآخرين، والتذرُّع بأسباب واهية لتفسير سلوكياته، وكبت الخبرات السيئة، ثم إعادة إخراجها في صورة عقد نفسية أو سلوكيات شاذة.
هناك سلوكيات أضر من تلك الحِيَل وذات مدلولات ودوافع مختلفة عن دوافع الراشدين، لا يكاد يسلم منها أحد في تلك الفئة العمرية منها التخلُّف الدراسي، والكذب الذي يتخذ صورًا متعدِّدة كالكذب الخيالي غير المتعمَّد حيث يخلط الطفل بين الحقيقة والخيال لقصور الذاكرة وضعف الملاحظة أو طلبًا للفت الانتباه، وهو أمر مؤقت ولا خطورة منه، والكذب الانتقامي لإيذاء طفل يكرهه، وبخاصةٍ إذا كان المربي لا يتحقَّق من الخطأ قُبيل العقاب عليه، والكذب الدفاعي فينكر ما ارتكبه ليحمي نفسه، والكذب الادعائي حين يشعر بأنه أقل من الآخرين، والكذب الأناني لتحقيق مصلحته أو منع مصلحة زميله، والكذب لمجرد تقليد الآخرين أو العناد معهم وتحديهم. ومن تلك السلوكيات أيضًا السرقة لدوافع متباينة كالانتقام والشعور بالعوز والنقص وأصحاب السوء، وربما نتيجة الجهل بمفهوم الملكية الخاصة أو لظاهرة “الأثرية” حين يلجأ الطفل للإبقاء على شيء من آثار حبيب فقده، ومفتاح التعامل مع هذه السلوكيات يكمن في القدوة الحسنة والبيئة الآمنة والإشباع النفسي والمادي لحاجات الطفل وفهم دوافعه والجمع بين الثواب والعقاب.
ثمة أساليب تؤدي إلى خلل في شخصية الابن وتجعله تربة خصبة للشذوذات والعقد كالتعميم السلبي “أنت لا تجيد فعل شيء”، والتوقعات الكارثية “أنت تخرِّب كل شيء”، وعدم الاكتراث بإنجازاته والتقليل من شأنه أمام الآخرين، والتفسير الخرافي للأشياء. ويسهم المجتمع والإعلام في تغذية قِيم البلطجة التي يتشرَّبها الطفل دون وعي ويشبُّ عليها ويقلِّدها في ظل غياب الرقابة الأسرية.
الفكرة من كتاب الصحة النفسية للطفل من الميلاد وحتى 12 سنة
أبناؤنا هم فِلْذاتُ أكبادنا الذين استأثروا منا بكل غالٍ ونفيس، وهان لأجلهم كل صعب وعزيز رغبةً صادقة في صلاحهم وسعادتهم، ولكن الرغبة لا تعني المعرفة، وقد تضيع آمالنا بين إفراط وتفريط ناشئَين عن الجهل بوسائل التربية المناسبة لطبيعة كل مرحلة عمرية، والإحسان في التربية مطلب شرعي وعقلي وحضاري، وهو استثمار ناجح لرفعة أمتنا قبل أبنائنا، وفي هذا الكتاب وسائل تربوية ناجعة تقوم على أسس علمية أنضجتها سنوات من الخبرات العملية قضاها المؤلف في التعامل مع الأطفال، وتتسم بسهولة فهمها وتطبيقها ومراعاة كافة الجوانب، وتنأى عن المثاليات الحالمة والروافد الغريبة عن ديننا وعاداتنا.
مؤلف كتاب الصحة النفسية للطفل من الميلاد وحتى 12 سنة
حاتم آدم: طبيب مصري وُلد بالقاهرة عام ١٩٥٥، حصل على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة القاهرة، وماجستير الدراسات الطبية والنفسية للأطفال ودبلومة الأمراض النفسية والعصبية والعقلية من جامعة عين شمس، كما حصل على ليسانس أصول الدين من جامعة الأزهر، وعمل بقسم الأطفال بمستشفى الصحة النفسية في الرياض والطائف.
من مؤلفاته: الصحة النفسية للمراهقين.