خصائص الحروف والكلمات
خصائص الحروف والكلمات
ليست حروف العربية أوفر عددًا من حروف كثير من اللغات، لكن لا تستطيع حروف أي لغة أن تفي بجميع المخارج وأن تؤدي جملة الأصوات التي تؤديها حروف العربية، كما أن الزيادة في حروف غير العربية ما هي إلا حركات مختلفة لمخرج صوتي واحد تتغيَّر قوة الضغط عليه، كما تتغير قوة الضغط على الآلات، بينما تستغل الحروف العربية جهاز النطق أحسن استغلال وليس فيها أداة صوتية ناقصة ولا تحتاج إلى تركيب حرفين معًا لإخراج صوت معين، كما هو الحال في اللغات الأخرى، والعربي لا يعوزه في نطق جديد إلا تغيير الضغط على بعض الحروف المعهودة لديه.
وإذا انتقلنا من الحروف إلى الكلمات وجدنا هذه الدلالة أوضح حيث تظهر الموسيقى في المعاني، كما تظهر في النطق والسماع، مثل كلمات: ينظر، ناظر، نظير، مناظر، منظور، نظارة… تتنوَّع بين أسماء وأفعال وصفات وجموع وكلها تُشتقُّ من مادة واحدة تطوف حولها كل هذه المعاني باختلاف وزن عن وزن وقياس عن آخر، بينما تجري الكلمات في اللغات الأخرى على وزن واحد بغير دلالة على اتفاق في المعنى ولا تقسيم بين الأسماء والأفعال نحو: آن، بان، مات، ذان، ران… في اللغة الإنجليزية.
ومن خصائص الكلمات العربية كذلك أنها تحتفظ بدلالتها الواقعية ودلالتها المجازية معًا بغير التباس في المعنى المقصود، فمثلًا: مادة البلوغ تشير إلى الوصول إلى مكان أو بلد، ومادة البلاغة دلالة على الوصول إلى اقتناع العقول والإفضاء إليها بالمعنى المنشود من المقال؛ فلا يصعب الجمع بين الحقيقة والمجاز في وقت واحد، تدركه سليقة العربي بسهولة دون أي تحيُّر أو التباس.
الفكرة من كتاب اللغة الشاعرة
تنفرد اللغة العربية بأنها لغة شاعرة، ليس لأنها صالحة لنظم الشعر فحسب، بل لأنها بُنيَت على نسق الشعر في أصوله الفنية والموسيقية، فهي بذاتها في جملتها منظوم منسق الأوزان لا ينفك عنها بأي حال من الأحوال.
في كتاب “اللغة الشاعرة” يطالعنا العقاد على أهم خصائص اللغة العربية وما تمتاز به عن سائر لغات العالم، وثراء حروفها ومفرداتها الفصيحة الصريحة التي تحمل بداخلها موسيقى خفية.
مؤلف كتاب اللغة الشاعرة
عباس محمود العقاد: كاتب وشاعِر، وفيلسوف، ومؤرِّخ، وصحفي، كان على رأس حقبة خصبة من تاريخ الفكر العربي في القرن العشرين، وعضوًا في مجمع اللغة العربية، وأسس مدرسة الديوان الشعرية مع صاحبيه المازني وعبد الرحمن شكري، واشتهرت معاركه الأدبية مع كبار أدباء عصره أمثال الرافعي وطه حسين وأحمد شوقي ومصطفى جواد، وقد ولد بأسوان عام ١٨٨٩ وتوفي عام ١٩٦٤.
من أهم مؤلفاته:
سلسلة العبقريات.
ساعات بين الكتب.
أنا (سيرة ذاتية).
التفكير فريضة إسلامية.